ثم ذكر حديث هشام بن حكيم بن حزام رضي الله عنه، في قصة المحبوسين في الخراج، المحبوسين في الخراج وهم الأنباط، وسموا أنباطا لأنهم يستنبطون الماء أي يستخرجونه، وهم فلاليح فلاحون في الشام عليهم خراج، وكأنهم لم يؤدوه، فعاقبهم الأمير هذه العقوبة العظيمة، جعلهم في الشمس في الحر الشديد وصب على رؤوسهم الزيت، لأن الزيت تشتد حرارته مع الشمس، وهذا عذاب عظيم مؤلم موجع، فدخل هشام رضي الله عنه إلى الأمير فأخبره ففك الأمير أسرهم وأطلقهم، وفي هذا دليل على حسن سيرة السلف رضي الله عنهم في مناصحة الحكام وأنهم يتقدمون إلى الحاكم وينصحونه، فإن اهتدى فهذا المطلوب، وإن لم يهتد برأت ذمة الناصح وصارت المسئولية على الحاكم لكن الحكام الذين يخافون الله عز وجل إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا، اتعظ هذا الحاكم وأمر بإطلاقهم، فدل هذا على أن التعذيب الذي يصل إلى هذا الحد أنه لا يجوز.
وكذلك أيضا من الأحاديث التي ذكرها المؤلف الوسم في الوجه، وسم الحيوانات في الوجه حرام من كبائر الذنوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من فعل هذا، والوسم هو عبارة عن كي يكوي الحيوان ليكون علامة، ولهذا هو مشتق من السمة، وهي العلامة، يتخذ أهل المواشي علامة لهم، كل قبيلة لها وسم معين إما شرطتان أو شرطة مربعة أو دائرة أو هلال، المهم أن كل قبيلة لها وسم معين، والوسم هذا يحفظ الماشية إذا وجدت ضالة يعني ضائعة عرف الناس أنها لهؤلاء القبيلة فذكروها لهم، وكذلك أيضا هي قرينة في مسألة الدعوى، لو أن إنسان وجد بهيمة عليها وسم في يد إنسان وادعى أنها له فإن هذه قرينة