للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات متفق عليه الموبقات المهلكات

[الشَّرْحُ]

قال المؤلف رحمه الله فيما نقله من حديث أبي هريرة في باب تغليظ تحريم الربا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اجتنبوا السبع الموبقات فأبهمها اجتنبوا السبع الموبقات ولم يبينها لأول مرة لأجل أن يتشوف الناس إليها حتى ترد على أذهانهم وهم مستعدون لها ولهذا قالوا ما هن يا رسول الله قال الإشراك بالله وسبق لنا أن الإشراك بالله أنواع الثاني السحر والسحر عبارة عن عقد ورقى يعني قراءات مطلسمة في صور الشياطين وعفاريت الجن ينفث بها الساحر فيؤذي المسحور بمرض أو موت أو صرف أو عطف صرف يصرفه عن ما يريد عطف يعني يعطفه على ما لا يريد كما قال الله تعالى فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجته وهو من كبائر الذنوب والساحر يجب أن يقتل حدا سواء تاب أو لم يتب وذلك لعظم مضرته على الناس وشدة جرأته والعياذ بالله ولهذا جاء في الحديث حد الساحر ضربه بالسيف وفي رواية ضربه بالسيف ثم إن السحر منه ما يكون كفرا وهو أن يستعين بالشياطين والجن وهذا كفر لقول الله تبارك وتعالى في سورة البقرة {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر} وهذا نص صريح بأن السحر كفر إذا كان متلقيا من الشياطين لأن الشياطين لا يمكن أن تخدم الإنسان إلا بشيء يكون شركا وقد سحر النبي صلى الله عليه وسلم سحره يهودي خبيث يقال له لبيد بن الأعصم وضع له سحرا في بئر في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر يعني النخلة الفحل لجمرته جف يسمى الكافور أو الكفرة هذا الخبيث وضع السحر للرسول صلى الله عليه وسلم في مشط المشط الذي يمشط به عادة مشاطة يعني ما سقط من الشعر عند المشط فوضعه في هذا البئر لكن لم يؤثر على النبي صلى الله عليه وسلم في أمر يتعلق بالرسالة أبدا لكن صار يخيل إليه أنه أتى أهله أو أنه فعل الشيء ولم يفعله حتى أنزل الله عز وجل سورتي {قل أعوذ برب الفلق} و {قل أعوذ برب الناس} فرقاه بهما جبريل فشفي بإذن الله ثم استخرج السحر من هذه البئر وفله وأبطله وهذا دليل على خبث اليهود وأنهم من أشد الناس عداوة بل قال الله تعالى: {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا} فبدأ اليهود قبل المشركين فهم أشد الناس عداوة للمسلمين ولهذا سحروا النبي صلى الله عليه وسلم ولكن الله ولله الحمد أبطل سحرهم فصار السحر ينقسم إلى قسمين سحر كفر وهو الاستعانة بالأرواح الشيطانية وغير كفر وهو أن يكون بالعقد والأدوية والأخشاب وما أشبه ذلك أما حكم الساحر فإنه يجب أن يقتل بكل حال إن كان كافرا فلردته وإن كان سحره دون الكفر فلأذيته قال الله تعالى {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} الإشراك بالله والسحر والثالثة وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق والنفس التي حرم الله قتلها أربع نفوس المسلم الذمي المعاهد المستأمن هذه أربع نفوس محترمة لا يجوز قتلها المسلم فظاهر وأما الذمي فهو الذي يكون بيننا وفي بلدنا من أهل الكتاب أو غيرهم يدفع الجزية لنا ونحميه مما يؤذيه ونحترمه وإن كان على غير الإسلام وأما المعاهد فهو الذي بيننا وبينهم عهد وإن كانوا في بلادنا كما جرى بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش في صلح الحديبية فإذا كان من المعاهدين حرم عليك أن تقتله وهو نفس معصومة وأما المستأمن فهو الذي يدخل لبلادنا بأمان نعطيه أمانا إما لكونه تاجرا يجلب تجارته ويشتري أو لأنه لا يريد أن يبحث عن الإسلام ويعرف الإسلام كما قال الله تعالى {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون} أما الحربي الذي بيننا وبينه حرب وليس بيننا وبينه عهد ولا ذمة ولا أمان فهذا يحل قتله لأنه ليس بيننا وبينه عهد بل هو محارب لنا لو تمكن منا لقتل من يقتل من المسلمين فهذا لا عهد له ولا ذمة قوله صلى الله عليه وسلم التي حرم الله إلا بالحق يعني أن النفوس المحترمة قد يكون من الحق أن تقتل وهي محترمة مسلم أو ذمي أو معاهد أو مستأمن تقتل مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة فإذا زنى الإنسان وهو ثيب قد تزوج بنكاح صحيح وجامع زوجته ثم زنى بعد ذلك فإنه يرجم بالحجارة يوقف ويجتمع الناس عليه ويأخذون حجارة دون البالغة لا تكون كبيرة تقضي عليه بسرعة ولا صغيرة تشق عليه ثم يرجمونه ويتقون المقاتل يرجمونه على الظهر على البطن على الكتف على الفخذ حتى يموت كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بالغامدية وماعز بن مالك وغيرهما الثاني النفس بالنفس إذا قتل الإنسان شخصا عمدا وتمت شروط القصاص فإنه يقتل ولو كان مسلما النفس بالنفس والثالث التارك لدينه المفارق للجماعة قيل إن هذا هو المرتد يعني بعد أن كان مسلما ترك الدين والعياذ بالله فارق جماعة المسلمين فهذا يقتل ويأتي إن شاء الله بقية الكلام عن الحديث

[الشَّرْحُ]

قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات قالوا وما هن يا رسول الله قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وسبق الكلام على هذه الثلاثة ثم قال وأكل الربا يعني أنه من الموبقات السبع والربا سبق الكلام على تعريفه في الباب الذي يليه والأشياء التي يجري فيها الربا وأن الربا من أكبر الكبائر التي دون الشرك وأكل مال اليتيم من السبع الموبقات واليتيم هو الذي مات أبوه قبل أن يبلغ فيتولى عليه الإنسان ويأكل ماله ينفقه على أهله أو يتجه به لنفسه أو ما أشبه ذلك هذا أيضا من السبع الموبقات نسأل الله العافية ولا فرق بين أن يكون اليتيم ذكرا أو أنثى وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف التولي عن صف القتال يوم الزحف يعني يوم يزحف المسلمون على الكفار فيأتي إنسان ويتولى فإن هذا من كبائر الذنوب من السبع الموبقات لأنه يتضمن مفسدتين المفسدة الأولى كسر قلوب المسلمين والمفسدة الثانية تقوية الكفار على المسلمين إذا انهزم بعضهم لا شك أنهم سوف يزدادون قوة على المسلمين يكون لهم بسبب ذلك نشاط لكن الله عز وجل استثنى في القرآن فقال تعالى ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله فمن تولى لهذين الأمرين متحيزا إلى فئة يعني بأن يقال إن الفئة الفلانية قد حصرها العدو وخطر عليها أن يكتسحها العدو فانصرف لإنقاذهم فهذا لا بأس به لأنه انتقل إلى ما هو أنفع والثاني المتحرف لقتال وهو المذكور أولا في الآية {إلا متحرفا لقتال} يعني مثلا انصرف لإصلاح سلاحه أو ارتداء دروعه أو ما أشبه ذلك من مصلحة القتال فهذا لا بأس به والسابع قذف المحصنات المؤمنات الغافلات يعني أن يقذف المرأة العفيفة المؤمنة فهذا من كبائر الذنوب بأن يقول لامرأة إنها زانية أنها قحبة وما أشبه ذلك هذا من كبائر الذنوب والقائل يجلد ثمانين جلدة ولا تقبل شهادته ويكون من الفاسقين لا من أهل العدل كما قال الله تبارك وتعالى {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة} هذه أول عقوبة {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا} هذه العقوبة الثانية {وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك} فإنه يرتفع عنهم الفسق ويكونون من أهل العدالة وقوله {قذف المحصنات الغافلات} مثلها أيضا قذف الغافل المحصن المؤمن يعني الرجل إذا قذف فإنه يجلد القاذف ثمانين جلدة كالذي يقذف المرأة هذه هي السبع الموبقات أعاذنا الله وإياكم منها وأجارنا وإياكم من الفتن إنه على كل شيء قدير

١٦١٥ - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله رواه مسلم زاد الترمذي وغيره وشاهديه وكاتبه

[الشَّرْحُ]

قال المؤلف رحمه الله تعالى في باب التغليظ في تحريم الربا فيما نقله عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الله آكل الربا وموكله آكل الربا يعني الذي يأكله سواء استعمله في أكل أو لباس أو مركوب أو فراش أو مسكن أو غير ذلك المهم أنه أخذ الربا كما قال تعالى عن اليهود وأخذهم الربا وقد نهوا عنه فآكل الربا ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم والثاني موكله يعني الذي يعطي الربا مع أن معطي الربا مظلوم لأن آخذ الربا ظالم والمأخوذ منه الربا مظلوم ومع ذلك كان ملعونا على لسان النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أعانه على

<<  <  ج: ص:  >  >>