ومنها أنه ينبغي أن يبدأ بالأفضل فالأفضل في المشاورة الأفضل في علمه وفي رأيه وفي لطفه يبدأ بالأفضل فالأفضل فإذا أشير عليه انتهى الموضوع ما حاجة لأن يأتي بالآخرين وإلا أتى بالآخرين الذين هم دونهم ومنها أن المشاورة من سمات المؤمنين كما قال الله تبارك وتعالى {وأمرهم شورى بينهم} فينبغي لمن ولاه الله أمرا وتردد في شيء من الأشياء ولم يتبين له الصواب أن يشاور غيره من ذوي العقل والدين والتجربة وكذلك إذا كان الأمر عاما يعم الناس كلهم فإنه ينبغي أن يشاور حتى يصدر عن رأي الجميع ومنها أنه يجوز للواحد من الرعية أن يراجع الإمام لكن بحضرته لأن أبا عبيدة راجع عمر بن الخطاب رضي الله عنه لكن بحضرته وبشرط أن يكون المراجع ممن له علم ودين وعقل ليس ممن عنده غيرة عاصفة وعاطفة هوجاء فإن هذا لا يتكلم إنما يتكلم العقلاء هم الذين يتكلمون مع ولاة الأمور ولكن لا يتكلمون من وراء ولي الأمر بل يتكلمون من بين يديه حتى يحصل النقاش والإقناع ومنها ضرب الأمثال فإن ضرب الأمثال يقرب المعاني للإنسان وذلك أن عمر رضي الله عنه ضرب مثلا لأبي عبيدة إنسان هبط واديا ومعه إبل وله شعبتان إحداهما مخصبة فيها الأشجار وفيها الحشيش وفيها كل شيء ينفع الإبل والثانية مجدبة بيضاء فمن المعلوم أن الإنسان لن يختار المجدبة سوف يختار المخصبة فاختياره للمخصبة بقدر الله عز وجل وعدوله عن المجدبة بقدر الله عز وجل ومنها الرد على القدرية المعتزلة الذين يقولون إن الإنسان مستقل