للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال هذا فتنة من الله عز وجل ولهذا إذا علما الناس قالا {إنما نحن فتنة فلا تكفر} ينصحون الناس لكن الله عز وجل ابتلى الناس بهذا فجعلوا يتعلمون من الملكين يتعلمون منهما ما يسمى بالعقد والصرف وهو من أشد أنواع السحر {فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه} يأتي الساحر إلى رجل قد حسنت الحال بينه وبين أهله وقد طابت لهما الحياة فيفرق بين الرجل وزوجته والعياذ بالله تأخذ تصيح إذا قرب إليها وتبكي وتنفر منه وإذا أبعد عنها بكت على فراقه والعياذ بالله فيضرها من الناحيتين من ناحية الاجتماع ومن ناحية الافتراق وكذلك الزوج تجده في شوق عظيم لأهله فإذا أتى إلى أهله ضاق بهم ذرعا وضاق صدره وتمنى أن يموت والعياذ بالله هذا من السحر العظيم قال الله تعالى {وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله} سبحان الله العظيم من بيده ملكوت السماوات والأرض الله عز وجل هؤلاء السحرة والشياطين مهما اجتمعوا على أمر يريدون أن يضروك به والله تعالى لا يضرك فإنهم لن يضروك {وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله} تأمل هذا التركيب فإن الجملة هنا اسمية {وما هم بضارين به من أحد} والاسمية تفيد الثبوت والاستغراق ثم إن النفي مؤكد بالباء {وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله} يعني لا يمكن أبدا أن يضروا أحدا بسحرهم إلا بإذن الله إذا أذن الله بذلك قدرا فالله على كل شيء قدير وإذا شاء عز وجل منع منع كل شر لأنه هو الذي بيده ملكوت السماوات والأرض وهو خالق الأسباب ومانع الأسباب وهو على كل شيء قدير {وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون} أي هؤلاء الناس الذي أرسل إليهم الملكان {ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم} يعني ما فيه الضرر المحض الذي لا نفع فيه إطلاقا ولهذا قال {ما يضرهم ولا ينفعهم} هو ضرر محض في الدين والدنيا والعاقبة الوخيمة وكذلك الظلم الذي يحصل على المسحور

<<  <  ج: ص:  >  >>