اجتمعت كلها علي إن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك! فإذا وقع منهم نفع لك فاعلم انه من الله، لأنه هو الذي كتبه، فلم يقل النبي صلي الله عليه وسلم: لو اجتمعت علي إن ينفعوك بشيء لم ينفعوك. بل قال:((لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك)) . فالناس بلا شك ينفع بعضهم بعضا، ويعين بعضهم بعضا، ويساعد بعضهم بعضا، لكن كل هذا مما كتبه الله للإنسان، فالفضل لله فيه أولا عز وجل، هو الذي سخر لك من ينفعك ويحسن إليك ويزيل كربتك، وكذلك بالعكس، لو اجتمعوا علي إن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك. والإيمان بهذا يستلزم إن يكون الإنسان متعلقا بربه ومتكلا عليه لا يهتم بأحد، لأنه يعلم انهم لو اجتمع كل الخلق علي إن يضروه بشيء لم يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه. وحيئذ يعلق رجاءه بالله ويعتصم به، ولا يهمه الخلق ولو اجتمعوا عليه، ولهذا نجد الناس في سلف هذه الأمة لما اعتمدوا علي الله وتوكلوا عليه لم يضرهم كيد الكائدين ولا حسد الحاسدين:(وَإِنْ تَصْبِرُوا
وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) (آل عمران: من الآية١٢٠) . ثم قال غليه الصلاة والسلام:((رفعت الأقلام وجفت الصحف)) يعني إن ما كتبه الله فقد انتهي، والصحف جفت من المداد، ولم يبقه مراجعة. فما أصابك لم يكن ليخطئك، كما في اللفظ الثاني:((وما أخطاءك لم يكن ليصيبك)) .