الحجيج إن يخب الناس كما خطبهم النبي صلي الله عليه وسلم. وكان من جملة ما ذكر في خطبته في حجة الوداع، انه قال:((يا أيها الناس اتقوا ربكم)) وهذه كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ)(النساء: من الآية١) ، فأمر الرسول صلي الله عليه وسلم الناس جميعا إن يتقوا ربهم الذي خلقهم، وأمدهم بنعمه، واعدهم لقبول رسالاته، فأمرهم إن يتقوا الله. وقوله:((وصلوا خمسكم)) أي: صلوا الصلوات الخمس التي فرضها الله_ عز وجل_ علي رسوله صلي الله عليه وسلم. وقوله:((وصوموا شهركم)) أي: شهر رمضان. وقوله:((وأدوا زكاة أموالكم)) أي: أعطوها مستحقيها ولا تبخلوا بها. وقوله:((أطيعوا أمراءكم)) أي: من جعلهم الله أمراء عليكم، وهذا يشمل أمراء المناطق والبلدان، ويشمل الأمير العام: أي أمير الدولة كلها، فان الواجب علي الرعية طاعتهم في غير معصية
الله، أما في معصية الله فلا تجوز طاعتهم ولو أمروا بذلك، لان طاعة المخلوق لا تقدم علي طاعة الخالق جل وعلا، ولهذا قال الله:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)(النساء: من الآية٥٩) . فعطف طاعة ولاة الأمور علي طاعة الله تعالى ورسوله صلي الله عليه وسلم وهذا يدل علي إنها تابعة، لان المعطوف تابع للمعطوف عليها مستقل، ولهذا تجد إن الله جل وعلا قال:(اأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)(النساء: من الآية٥٩) ، فأتى بالفعل ليتبن بذلك إن طاعة النبي صلي الله عليه وسلم طاعة مستقلة أي: تجب طاعته استقلالا كما تجب طاعة الله، ومع هذا فان طاعته من طاعة الله واجبة، فان النبي صلي الله عليه وسلم