للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا، قالوا: كيف يقول

محمد انه سيفتح كسري ويقصر وصنعاء، وهو الآن محاصر من هؤلاء الناس. كيف يمكن هذا؟ فقالوا:) مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً) (الأحزاب: من الآية١٢) . أما القسم الثاني: المؤمن، قال الله عنهم:) وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ) (الأحزاب: من الآية٢٢) وانظر إلى الفرق بين الطائفتين، هؤلاء لما رأوا الأحزاب، ورأوا هذه الشدة، علموا انه سيعقبها نصر وفرج، وقالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، فسيكون النصر وستفتح ممالك قيصر وكسري واليمن، وهكذا كان ولله الحمد.

والشاهد قوله: (هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ) (الأحزاب: من الآية٢٢) وهذا غاية اليقين، إن يكون الإنسان عند الشدائد، وعند الكرب، ثابتا مؤمنا موقنا، عكس من كان توكله ويقينه ضعيفا، فانه عند المصائب والكرب ربما ينقلب على وجهه، كما قال الله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ) (الحج: من الآية١١) أي على طرف (فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) (الحج: من الآية١١) .

كثير من الناس ما دام على عافية فهو مطمئن، ولكن إذا ابتلي_ والعياذ بالله_ انقلب على وجهه، فربما يصل إلى حد الردة والكفر، ويعترض على الله بالقضاء والقدر، ويكره تقدير الله، وبالتالي يكره الله_ والعياذ بالله، لأنه كان في الأول لم يصبه أذى ولا فتنة، ولكنه في الثاني أصابته الفتنة فانقلب على وجهه.

<<  <  ج: ص:  >  >>