للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) (التوبة: ٢٩) .

(يُعْطُوا الْجِزْيَةَ) أي: يبذلون الجزية لنا (عَنْ يَدٍ) فيها قولان للعلماء: (عَنْ يَدٍ) يعني عن قوة منا علينا، أو (عَنْ يَدٍ) يعني عن واحدة من أيديهم، بحيث يمدها هو بنفسه ـ اليهودي أو النصراني ـ ولهذا قال العلماء: لو أرسل بها خادمه لم نأخذها حتى يأتي بنفسه ويسلمها للمسؤول من المسلمين. وتصوروا؛ كيف يريد الله منا؟ وكيف يكون الإسلام في هذه العزة؟ تضرب عليهم الجزية، ويأتون بها هم بأنفسهم، ولو كان أكبر واحد منهم يأتي بها حتى يسلمها إلى المسؤول في الدولة الإسلامية عن يد وهو صاغر أيضاً، لا يأتي بأبهة وبجنود وبقوم وبحشم، لا. بل يأتي وهو صاغر.

ثم إذا قال قائل: كيف تكون تعاليم الإسلام هكذا؟ أليست هذه عصبية؟ قلنا: عصبية لمن؟ هل المسلمون يريدون عصبية لهم يستطيلون بها على الناس؟ .. أبداً فالمسلمون أحسن الناس أخلاقاً، لكنهم يريدون أن تكون كلمة الخالق الذي خلقهم وخلق هؤلاء هي العليا، ولا يمكن أن تكون هي العليا حتى يكون المسلمون هم الأعلون، ولكن متى يكون المسلمون هم الأعلون؟ يكونون كذلك إذا تمسكوا بدين الله حقاً ظاهراً وباطناً، وعرفوا أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.

أما أن يذلوا عن دين الله، ثم يذلوا أمام أعداء الله، ثم يصيروا أذناباً لأعداء الله، فأين العزة إذن؟ .. لا يمكن أن تكون بهذا عزة أبداً.

الإسلام دين حق، دين علو، قال الله عز وجل: (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>