للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محتاج إلى الكسوة الحسية لأنك عار، كذلك أيضاً محتاج إلى الكسوة المعنوية ـ وهي العمل الصالح ـ حتى لا تكون عارياً، ولهذا ذكر بعض العابرين للرؤيا أن الإنسان إذا رأى نفسه في المنام عارياً فإنه يحتاج إلى كثرة الاستغفار، لأن هذا دليل على نقصان تقواه، فإن التقوى لباس.

وعلى كل حال؛ فنحن عراة إلا كسوة الله ـ عز وجل ـ وقد سخر الله لنا من الكسوة ما نكسو به أبداننا ـ ولله الحمد ـ من أصناف اللباس المتنوعة، لا سيما في البلاد الغنية التي ابتلاها الله ـ عز وجل ـ بالمال، فإن المال ـ في الحقيقة ـ فتنة يخشى على الأمة منه، كما قال محمد صلى الله عليه وسلم: (والله ما الفقر أخشى عليكم، وإنما أخشى عليكم أن تفتح عليكم الدنيا، فتنافسوها كما تنافسها من قبلكم؛ فتهلككم كما أهلكتهم) فالمال ابتلاء وبلوى، تحتاج إلى صبر على أداء ما يجب فيه، وإلى شكر على ما يجب له.

وعلى كل حال، أقول: إن الله ـ سبحانه وتعالى ـ من علينا باللباس، ولولا أن الله يسره لنا ما تيسر، ولو أنك نظرت في الخلق في وقتك الآن، وتأملت لوجدت ـ كما سمعنا ـ من يبتون عراة، ليس على أبدانهم ما يسترهم، ربما يسترون السوءة بالأشجار ونحوها، وليس عليهم ما يسترهم دون ذلك، فمن الذي سترك ومن عليك؟ هو الله، ولهذا قال ـ عز وجل ـ (يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم) .

ونقول في قوله: (استكسوني أكسكم) كما قلنا في قوله: (استطعموني

<<  <  ج: ص:  >  >>