للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتوبة الصادقة هي التي تجمع خمسة شروط:

الشرط الأول: أن يكون الإنسان مخلصاً فيها لله ـ عز وجل ـ لا يحمله على التوبة مراءاة الناس، ولا تسميعهم، ولا أن يتقرب إليهم بشيء، وإنما يقصد بالتوبة الرجوع إلى الله حقيقة، والإخلاص شرط في كل عمل، ومن جملة الأعمال الصالحة: التوبة إلى الله ـ عز وجل ـ، كما قال تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (النور: ٣١) .

الشرط الثاني: أن يندم الإنسان على ما وقع منه من الذنب، يعني أن يحزن، ويتأسف، ويعرف أنه ارتكب خطأ حتى يندم عليه، أما أن يكون ارتكاب الخطأ وعدمه عنده على حد سواء؛ فهذه ليست بتوبة، بل لابد من أن يندم بقلبه ندماً يتمنى أنه لم يقع منه هذا الذنب.

الشرط الثالث: أن يقلع عن الذنب فلا توبة مع الإصرار على الذنوب، كما قال تعالى: (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (آل عمران: ١٣٥) ، أما أن بقول إنه تائب من الذنب وهو مصر عليه، فإنه كاذب مستهزئ بالله ـ عز وجل ـ، فمثلاً لو قال: أتوب إلى الله من الغيبة، ولكنه كلما جلس مجلساً اغتاب عباد الله؛ فإنه كاذب في توبته، ولو قال أتوب إلى الله من الربا ولكنه مصر عليه؛ يبيع بالربا ويشتري بالربا، فهو كاذب في توبته، ولو قال: أتوب إلى الله من استماع الأغاني، ولكنه مصر على ذلك، فهو كاذب في توبته، ولو قال: أتوب إلى الله من معصية الرسول صلى الله عليه وسلم في إعفاء اللحية، وكان يحلقها، وهو يقول أتوب إلى الله من حلقها: فإنه كاذب، وهكذا جميع المعاصي إذا كان الإنسان مصراً عليها فإن دعواه

<<  <  ج: ص:  >  >>