قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما نقله عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(أعذر الله تعالى إلى امرئ أخر أجله حتى بلغ ستين سنة) . والمعنى أن الله ـ عز وجل ـ إذا عمر الإنسان حتى بلغ ستين سنة فقد أقام عليه الحجة، ونفى عنه العذر؛ لأن ستين سنة يبقى الله الإنسان إليها؛ يعرف من آيات الله ما يعرف، ولاسيما إذا كان ناشئاً في بلد إسلامي، لا شك أن هذا يؤدي إلى قطع حجته إذا لاقى الله ـ عز وجل ـ لأنه لا عذر له، فلو أنه مثلاً قصر في عمره إلى خمس عشرة سنة، أو عشرين سنة، لكان قد يكون له عذر في أنه لم يتمهل ولم يتدبر الآيات، ولكنه إذا أبقاه إلى ستين سنة، فإنه لا عذر له، قد قامت عليه الحجة، مع أن الحجة تقوم على الإنسان من حين أن يبلغ، فإنه يدخل في التكليف ولا يعذر بالجهل، فإن الواجب على المرء أن يتعلم من شريعة الله ما يحتاج إليه، مثلاً: إذا أراد أن يتوضأ لابد أن يعرف كيف يتوضأ، إذا أراد أن يصلي لابد أن يعرف كيف يصلي، إذا صار عنده مال لابد أن يعرف ما مقدار النصاب، وما مقدار الواجب، وما أشبه ذلك، إذا أراد أن يصوم، لابد أن يعرف كيف يصوم، وما هي المفطرات، وإذا أراد أن يحج أو
يعتمر يجب أن يعرف كيف يحج، وكيف يعتمر، وما هي محظورات الإحرام، إذا كان من الباعة الذين يبيعون ويشترون بالذهب مثلاً، لابد أن يعرف الربا، وأقسام الربا، وما الواجب في بيع الذهب بالذهب، أو بيع الذهب بالفضة، وهكذا إذا