ثم إنه يجب على الآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر أن ينوي بهذا إصلاح الخلق. لا الانتصار عليهم، لأن من الناس من يأمر بالمعروف أو ينهي عن المنكر لينفذ سلطته وينتصر لنفسه، وهذا نقص كبير. قد يحصل فيه خير من جهة درء المنكر وفعل المعرف، ولكنه نقص كبير فأنت إذا أمرت بالمعروف، أو نهيت عن المنكر، فانو بقلبك أنك تريد إصلاح الخلق، لا أنك تتسلط عليهم، وتنتصر عليهم، حتى تؤجر، ويجعل الله في أمرك ونهيك بركة. والله المستعان.
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم:(وفي بضع أحدكم صدقة) يعني أن الرجل إذا أتى امرأته، فإن ذلك صدقة، قالوا يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال:(أرأيتم لو وضعها في الحرام، أكان عليه وزر؟) يعني لو زنى ووضع الشهوة في الحرام، هل يكون عليه وزر؟ قالوا: نعم. قال:(فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) والحمد لله. ومعنى ذلك: أن الرجل إذا استغنى بالحلال عن الحرام، كان له بهذا الاستغناء أجر.
ومن ذلك أيضاً: إذا أكل الإنسان طعاماً، فإنه ينال شهوته بالأكل والشرب، ومع ذلك ـ لكونه يستغني به عن الحرام ـ فإنه يكتب له به أجر.
ولهذا قال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ لسعد بن أبي وقاص: (واعلم أنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى ما تجعله في فم