للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين) . رواه مسلم.

وفي رواية: (مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال: والله لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم، فأدخل الجنة) .

وفي رواية لهما: (بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له) .

[الشَّرْحُ]

قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما نقله عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لقد أريت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين) . وفي الرواية الأخرى: أنه دخل الجنة، وغفر الله له بسبب غصن أزاله عن طريق المسلمين، وسواء كان هذا الغصن من فوق، يؤذيهم من عند رؤوسهم، أو من أسفل يؤذيهم من جهة أرجلهم. المهم أنه غصن شوك يؤذي المسلمين فأزاله عن الطريق، أبعده ونحاه، فشكر الله له ذلك، وأدخله الجنة، مع أن هذا الغصن إذا آذى المسلمين فإنما يؤذيهم في أبدانهم، ومع ذلك غفر الله لهذا الرجل، وأدخله الجنة. ففيه دليل على فضيلة إزالة الأذى عن الطريق، وأنه سبب لدخول الجنة.

وفيه أيضاً دليل على أن الجنة موجودة الآن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى هذا الرجل يتقلب فيها، وهذا أمر دل عليه الكتاب والسنة، وأجمع عليه أهل السنة والجماعة؛ أن الجنة موجودة الآن، ولهذا قال الله تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران: ١٣٣) ، أعدت: يعني هيئت. وهذا دليل على أنها موجودة الآن، كما أن النار أيضاً موجودة الآن، ولا تفنيان أبداً. خلقهما الله ـ عز وجل ـ للبقاء، لا فناء لهما، ومن دخلهما لا يفنى أيضاً، فمن كان من أهل الجنة بقى فيها خالداً مخلداً فيها أبد الآبدين. ومن كان من أهل النار من الكفار دخلها خالداً مخلداً فيها أبداً الآبدين.

وهذا الحديث دليل على أن من أزال عن المسلمين الأذى فله هذا الثواب العظيم في أمر حسيً، فكيف بالأمر المعنوي؟ هناك بعض الناس ـ والعياذ بالله ـ أهل شر وبلاء، وأفكار خبيثة، وأخلاق سيئة، يصدون الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>