للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعلم ـ أن المعنى: أن الصلوات الخمس تكفر ما بينها إلا الكبائر فلا تكفرها، وكذلك الجمعة إلى الجمعة، وكذلك رمضان إلى رمضان، وذلك لأن الكبائر لابد لها من توبة خاصة، فإذا لم يتب توبة خاصة فإن الأعمال الصالحة لا تكفرها، بل لابد من توبة خاصة.

أما حديث أبي هريرة الثاني، فهو أن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ عرض على أصحابه عرضاً، يعلم النبي صلى الله عليه وسلم ماذا سيقولون في جوابه، ولكن هذا من حسن تعليمه عليه الصلاة والسلام، أنه أحياناً يعرض المسائل عرضاً، حتى ينتبه الإنسان لذلك، ويعرف ماذا سيلقى إليه، قال: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟) يعرض عليهم هل يخبرهم، ومن المعلوم أنهم سيقولون: نعم يا رسول الله أخبرنا، ولكنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ اتخذ هذه الصيغة وهذا الأسلوب من أجل أن ينتبهوا إلى ما سيلقى إليهم، قالوا: بلى يا رسول الله، يعني أخبرنا فإننا نود أن تخبرنا بما ترفع به الدرجات وتمحا به الخطايا، قال: (إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة) هذه ثلاثة أشياء:

أولاً: إسباغ الوضوء على المكاره، يعني إتمام الوضوء في أيام الشتاء؛ لأن أيام الشتاء يكون الماء فيها بارداً. وإتمام الوضوء يعني إسباغه، فيكون فيه مشقة على النفس، فإذا أسبغ الإنسان وضوءه مع هذه المشقة، دل هذا على كمال الإيمان، فيرفع الله بذلك درجات العبد ويحط عنه خطيئته.

ثانياً: كثرة الخطا إلى المساجد، يعني أن يقصد الإنسان المساجد، حيث شرع له إتيانهن، وذلك في الصلوات الخمس، ولو بعد المسجد فإنه كلما بعد المسجد عن البيت ازدادت حسنات الإنسان، فإن الإنسان إذا توضأ في بيته وأسبغ الوضوء، ثم خرج منه إلى المسجد، لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة واحدة إلا رفع الله له بها درجة، وحط

<<  <  ج: ص:  >  >>