العجل من أفضل أنواع اللحم، لأن للحمه ليناً وطعماً. ثم قال تعالى:(فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ) ما وضعه في مكان بعيد وقال لهم اذهبوا إلى مكان الطعام وإنما قربه إليهم.
ثم قال:(أَلا تَأْكُلُونَ) ولم يقل لهم: كلوا. و (ألا) أداة عرض يعني عرض عليهم الأكل ولم يأمرهم.
ولكن الملائكة لم يأكلوا، فهم لا يأكلون، ليس لهم أجواف، بل خلقهم الله من نور جسراً واحداً:(يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ)(الأنبياء: ٢٠) ، دائماً يقولون: سبحان الله، سبحان الله، فلم يأكلوا لهذا السبب.
(فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) لأنهم لم يأكلوا، يقولون: أنه من عادة العرب أن الضيف إذا لم يأكل فقد تأبط شراً، ولهذا فمن عادتنا إلى الآن أنه إذا جاء الضيف ولم يأكل قالوا: مالح، يعني ذق من طعامنا، فإذا لم يمالح قالوا إن هذا الرجل قد نوى بنا شراً. فنكرهم إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ وأوجس منهم خيفة (قَالُوا لا تَخَفْ) ثم بينوا له الأمر (قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ)(الذريات: ٢٨) وكان قد كبر، وكانت امرأته قد كبرت. (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ) لما سمعت البشرى (فِي صَرَّةٍ) أي في صيحة (فَصَكَّتْ وَجْهَهَا) عجباً، (وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ) ، يعني أألد وأنا عجوز عقيم؟ قالت الملائكة:(كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ) الرب عز وجل يفعل ما يشاء إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون.
ثم قال تعالى:(إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيم ُ)(الذريات: ٣٠) ، وهنا قدم الحكيم على العليم، وفي آيات كثيرة يقدم العليم على الحكيم، والسبب