للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر، فإنه إذا أكل منه صار له صدقة، وأعجب من ذلك لو سرق منه سارق، كما لو جاء شخص مثلاً إلى نخل وسرق منه تمراً، فإن لصاحبه في ذلك أجراً، مع أنه لو علم بهذا السارق لرفعه إلى المحكمة، ومع ذلك فإن الله تعالى يكتب له بهذه السرقة صدقة إلى يوم القيامة!

كذلك أيضاً إذا أكل من هذا الزرع دواب الأرض وهوامها كان لصاحبه صدقة. ففي هذا الحديث دلاله واضحة على حث النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ على الزرع وعلى الغرس، لما فيه من المصلحة الدينية والمصالح الدنيوية.

وفيه دليل على كثرة طرق الخير، وأن ما انتفع به الناس من الخير، فإن لصاحبه أجراً وله فيه الخير، سواء نوى أو لم ينو، وهذا كقوله تعالى: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (النساء: ١١٤) ، فذكر الله سبحانه وتعالى أن هذه الأشياء فيها خير، سواء نويت أو لم تنو، من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس، فهو خير ومعروف، نوى أم لم ينو، فإن نوى بذلك ابتغاء وجه الله فإن الله يقول: (فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) .

وفي هذا دليل على أن المصالح والمنافع إذا انتفع الناس بها كانت خيراً لصاحبها وأجراً وإن لم ينو، فإن نوى زاد خيراً على خير، وآتاه الله تعالى من فضله أجراً عظيماً. أسأل الله العظيم أن يمن علي وعليكم بالإخلاص والمتابعة لرسول صلى الله عليه وسلم إنه جواد كريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>