للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن أبا الدرداء لما جاء صنع لسلمان طعاماً، فقدمه إليه وقال: كل فإني صائم، فقال له: كل وأفطر ولا تصم، لأنه علم من حاله بواسطة كلام زوجته أنه يصوم دائماً، وأنه معرض عن الدنيا وعن الأكل وغيره، فأكل ثم نام، فقام ليصلي، فقال له سلمان: نم، فنام، ثم قام ليصلي، فقال: نم ولما كان آخر الليل قام سلمان ـ رضي الله عنه ـ وصليا جميعاً.

وقوله صليا جميعاً: ظاهره أنهما صليا جماعة، ويحتمل أنهما صليا جميعاً في الزمن وكل يصلي وحده. وهذه المسألة ـ أعني الصلاة جماعة في صلاة الليل ـ جائزة، لكن لا تفعل دائماً، وإنما تفعل أحياناً، فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الليل جماعة مع ابن عباس رضي الله عنهما، ومع حذيفة بن اليمان، ومع عبد الله بن مسعود، ولكن العلماء يقولون: إن هذا يفعل أحياناً لا دائماً.

ثم قال له سلمان: (إن لنفسك عليك حقاً، وأن لأهلك عليك حقاً، وإن لربك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه) وهذا القول الذي قاله سلمان هو القول الذي قاله النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ لعمر بن العاص رضي الله عنهما.

ففي هذا دليل على أن الإنسان لا ينبغي له أن يكلف نفسه بالصيام والقيام، وإنما يصلي ويقوم على وجه يحصل به الخير، ويزول به التعب والمشقة والعناء. والله الموفق.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>