تأخر شديد؛ إذ إن غالب تصرفات الشباب إنما تكون مبنية على العاطفة دون التعقل، فتجد الواحد منهم يندفع ويشتد في العبادة، ثم يعجز أو يتكاسل فيتأخر، ولهذا ينبغي للإنسان ـ كما نبه المؤلف رحمه الله ـ أن يكون مقتصداً في الطاعة غير منجرف، وأن يكون محافظاً عليها لأن المحافظة على الطاعة دليل على الرغبة فيها، وأحب العمل إلى الله أدومه وإن قل، فإذا حافظ الإنسان على عبادته واستمر عليها؛ كان هذا دليلاً على محبته وعلى رغبته في الخير.
وقد ذكر المؤلف عدة آيات، منها قوله تعالى:(وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً)(النحل: ٩٢) ، امرأة تغزل، فغزلت غزلاً جيداً قوياً متيناً، ثم بعد ذلك ذهبت تنقضه أنكاثاً، حتى لم يبق منه شيء، كذلك بعض الناس يشتد في العبادة ويزيد، ثم بعد ذلك ينقضها فيدعها.
وكذلك ذكر ـ رحمه الله ـ عن بني إسرائيل قول الله عز وجل:(وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا) أي ما استمروا عليها ولا رعوها، ولكنهم أهملوها، وقال تعالى:(وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ)(الحديد: ١٦) ، يعني طال عليهم الأمد ـ أي الزمن ـ بالأعمال، فقست قلوبهم وتركوا الأعمال والعياذ بالله، فالمهم أن الإنسان ينبغي له أن يحافظ على العمل، وألا يتكاسل وألا يدعه، بل يستمر على ما هو عليه.