للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما يناسبه، ويدعو الإنسان الجاهل بما يناسبه، كل أناس لهم دعوة خاصة حسب ما يليق بحالهم، ودليل هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له: (إنك تأتي قوماً أهل كتاب) ، فأعلمه بحالهم من أجل أن يستعد لهم وأن ينزلهم منزلتهم؛ لأنهم إذا كانوا أهل كتاب صار عندهم من الجدل بنا عندهم من العلم ما ليس عند غيرهم، فالمشركين جهال ضلال لكن أهل الكتاب عندهم علم، يحتاجون إلى استعداد تام، وأيضاً يجابهون بما يليق بهم؛ لأنهم يرون أنفسهم أهل كتاب وأهل علم ـ فيحتاج الأمر إلى أن يراعوا في كيفية الدعوة، ولهذا قال له: (إنك تأتي قوماً أهل كتاب) .

ولنضرب لهذا مثلاً واقعياً: لو أن رجلاً جاهلاً تكلم وهو يصلي، يظن أن الكلام لا يضر، فهذا لا نوبخه ولا ننهره ولا نشدد عليه، بل نقول له إذا فرغ من صلاته: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن، لكن لو علمنا أن شخصاً يعلم أم الكلام في الصلاة حرام ويبطلها، لكنه إنسان مستهتر والعياذ بالله؛ يتكلم ولا يبالي فهذا نخاطبه بما يليق به ونشدد عليه وننهره، فكل مقام مقال.

ولهذا قال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ) والحكمة أن تضع الأشياء في مواضعها، وتنزل الناس في منازلهم، فلا تخاطب الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>