وقال تعالى (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ)(آل عمران: ١٠٤) .
[الشَّرْحُ]
ذكر المؤلف - رحمه الله - في باب الدلالة على الخير، قوله تعالى:(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(آل عمران: ١٠٤) ، وهذا أمر من الله - عزّ وجلّ - بأن يكون منا هذه الأمة، والامة بمعنى الطائفة، وترد الأمة في القرآن الكريم على أربعة معان: أمة بمعنى الطائفة، وأمة بمعنى الملة، أمة بمعنى السنين، وأمة بمعنى القدوة، فمن الطائفة هذه الآية (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ) أي طائفة (يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ.....)(آل عمران: ١٠٤) إلى آخره.
والأمة بمعنى الملة مثل قوله تعالى (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً)(المؤمنون: ٥٢) أي دينكم دين واحد.
والأمة بمعنى السنين مثل قوله تعالى:(وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ)(يوسف: ٤٥) أي بعد زمن.
والأمة بمعنى القدوة والإمام مثل قوله تعالى:(إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً)(النحل: ١٢٠)
فقوله هنا (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ) اللام في قوله للأمر (وَلْتَكُنْ) ، " ومن" في قوله: (مِنْكُمْ) فيها قولان لأهل العلم: منهم من قال إنها للتبعيض، ومنهم من قال إنها لبيان الجنس، فعلى القول الأول يكون الأمر هنا أمراً كفائياً، أي أنه إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين؛ لأنه قال:(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ) يعني بعض منكم يدعون إلى الخير،