للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ختام الآية يقول الله عز وجل: (?وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (وَأُولَئِكَ) المشار إليهم تلك الأمة التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، والمفلح هو الذي فاز بمطلوبه ونجا من مرهوبه.

وهنا قال: (وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) وهذه الجملة تفيد عند أهل العلم باللغة العربية الحصر، أي أن الفلاح إنما يكون لهؤلاء الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويدعون إلى الخير.

ثم قال الله عزّ وجلّ بعدها: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَات) (آل عمران: ١٠٥) ، والنهي عن التفرق بعد ذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يدل على أن ترك الأمر بالمعروق والنهي عن المنكر سب للتفرق، وذلك أن الناس إذا كانت لهم مشارب متعددة مختلفة تفرقوا، فهذا يعمل طاعة، وهذا يعمل معصية، وهذا يسكر، وهذا يصلي، وما أشبه ذلك، فتتفرق الأمة، ويكون لكل طائفة مشرب، ولهذا قال: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا) .

إذن لا يجمع الأمة إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلو أن الأمة أمرت بالمعروف ونهت عن المنكر، وتحاكمت إلى الكتاب والسنة، ما تفرقت أبداً، ولحصل لهم الأمن، ولكان لهم أمن من أشد من كل أمن. كما قال الله تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (الأنعام: ٨٢) ، الدول الكبرى والصغرى- الآن- كلها تكرس جهوداً كبيرةً جبارة لحفظ الأمن، ولكنّ كثيراً من المسلمين غفلوا عن هذه الآية، الأمن التام موجود في هاتين الكلمتين: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>