ففعلوا ذلك، فكان منهم قومٌ يعظمون وينهون عن هذا المنكر، وقوم ساكتون، وقوم فاعلون، فعاقبهم الله عزّ وجلّ وقال:(كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِين) ، فكانوا - والعياذ بالله- قردة، بنو آدم انقلبوا قردة خاسئين أذلة.
والشاهد من هذا أن فيهم قوماً لم يعطموا ولم يقوموا بما أوجب الله عليهم من النهي عن المنكر، فكانوا ممن دخلوا في هذه اللعنة، ولهذا قال) (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ)(المائدة: ٧٨) ، وداود متأخر عن موسى بكثيرة وعيسي بن مريم كذلك، فهذان النسيان الذين لا يتناهون عن منكر فعلوه، وقد حكى الله ذلك عنهما مقراً ذلك، فصار من لا يتناهى عن المنكر من الملعونين، والعياذ بالله.
وفي ذلك دليلٌ على وجوب النهي عن المنكر، وعلى أن تركه سبب للعن والطرد عن رحمة الله.
* * *
وقال تعالى (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)(الكهف: ٢٩) ، وقال تعالى:(فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ)(الحجر: ٩٤) ، وقال تعالى:(أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)(لأعراف: ١٦٥) ، والآيات في الباب كثيرة معلومة.