للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عباس (٩٠) وهو مثل ضربه الله تعالى للمؤمن والكافر، ومثل المؤمن في الخير الذي عنده ثم رزقه منه رزقا حسنا فهو ينفق منه على نفسه وعلى غيره سرا وجهرا والكفار بمنزلة عبد مملوك (عاجز) (٩١) لا يقدر على شئ لأنه لا خير عنده فهل يستوي الرجلان عند أحد من العقلاء؟، والقول الأول أشبه بالمراد فأنه أظهر في بطلان الشرك وأوضح عند المخاطب وأعظم في إقامة الحجة وأقرب نسبا (٩٢) بقوله: (ويعبدون من دون الله مالا يملك لهم رزقا من السموات وَالأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ.

فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٩٣) ثم قال: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ) ومن لوازم هذا المثل وأحكامه أن يكون المؤمن الموحد كمن رزقه منه رزقا حسنا والكافر المشرك كالعبد المملوك الذي لا يقدر على شئ فهذا مما نبه عليه المثل وأرشد إليه فذكره ابن عباس منبها على إرادته لأن (٩٤) الآية اختصت به فتأمله فإنك تجده كثيرا في كلام ابن عباس (٩٥) وغيره من السلف في فهم القرآن، فيظن الظان أن ذلك معنى الآية التي لا معنى لها غيره فيحكيه قوله (٩٦) .

فصل: وأما المثل الثاني فهو مثل ضربه الله سبحانه لنفسه ولما يعبدون (٩٧) من دونه أيضا، فالصنم الذي يعبدون من دونه (٩٨) بنزلة رجل أبكم لا يعقل ولا ينطق بل هو أبكم القلب واللسان قد عدم النطق القلبي


(٩٠) انظر زاد المسير ٤ / ٤٧٤ وابن كثير ٢ / ٥٧٨ والطبري ١٤ / ١٤٩.
(٩١) مزيدة من م، ع.
(٩٢) من م (منها) .
(٩٣) النحل: ٧٣، ٧٤.
(٩٤) في م، ع (لا أن الاية) .
(٩٥) لقب بالحبر والبحر ابن عم رسول الله ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل) ولقد كان ذلك.
(٩٦) الطبري ١٤ / ١٤٨ - ١٥١.
(٩٧) في م (يعبد) .
(٩٨) في م (دون الله) وفى ع (من دون الله) .
(*)

<<  <   >  >>