للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَجَازِ أَوَّلُهَا إذَا حَلَفَ لَا يَضَعُ قَدَمَهُ فِي دَارِ فُلَانٍ يَحْنَثُ إذَا دَخَلَ حَافِيًا أَوْ مُتَنَعِّلًا أَوْ رَاكِبًا وَالدُّخُولُ حَافِيًا مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ وَالْبَاقِي بِطَرِيقِ الْمَجَازِ فَقَوْلُهُ فِي لَا يَضَعُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَا جَمْعَ بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا حَمَلْنَاهُ عَلَى مَعْنَى الْمَجَازِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيَّ مَهْجُورٌ إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَنَامَ وَيَضَعَ الْقَدَمَيْنِ فِي الدَّارِ وَبَاقِي الْجَسَدِ يَكُونُ خَارِجَ الدَّارِ وَفِي الْعُرْفِ صَارَ عِبَارَةً عَنْ لَا يَدْخُلُ (وَكَذَا) أَيْ مِنْ بَابِ عُمُومِ الْمَجَازِ قَوْلُهُ (لَا يَدْخُلُ فِي دَارِ فُلَانٍ يُرَادُ بِهِ نِسْبَةُ السُّكْنَى) أَيْ يُرَادُ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ بِقَوْلِهِ دَارُ فُلَانٍ كَوْنُ الدَّارِ مَنْسُوبَةً إلَى فُلَانٍ نِسْبَةَ السُّكْنَى إمَّا حَقِيقَةً وَإِمَّا دَلَالَةً حَتَّى لَوْ كَانَتْ مِلْكَ فُلَانٍ وَلَا يَكُونُ فُلَانٌ سَاكِنًا فِيهَا يَحْنَثُ بِالدُّخُولِ فِيهَا (وَهِيَ تَعُمُّ الْمِلْكَ وَالْإِجَارَةَ وَالْعَارِيَّةَ لَا نِسْبَةَ الْمِلْكِ حَقِيقَةً وَغَيْرَهَا مَجَازًا) أَيْ لَا يُرَادُ نِسْبَةُ الْمِلْكِ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ وَغَيْرِهَا أَيْ الْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ (حَتَّى يَلْزَمَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ

ــ

[التلويح]

أُرِيدَ بِهَا حَقِيقَتُهَا فَلَا يُرَادُ غَيْرُهَا مِنْ الْمُسْكِرَاتِ بِعَلَاقَةِ الْمُشَابَهَةِ فِي مُخَامَرَةِ الْعَقْلِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْحَدُّ فِي السُّكْرِ مِنْهَا بِدَلِيلٍ آخَرَ مِنْ إجْمَاعٍ أَوْ سُنَّةٍ. فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْمُلَامَسَةِ مُطْلَقُ اللَّمْسِ الشَّامِلِ لِلْوَطْءِ وَغَيْرِهِ، وَبِالْخَمْرِ مُطْلَقُ مَا يُخَامِرُ الْعَقْلَ فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ فِي الْجَمْعِ بِطَرِيقِ عُمُومِ الْمَجَازِ قُلْنَا لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ عَنْ إرَادَةِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَحْدَهُ، وَلَا قَرِينَةَ، وَلَوْ سَلِمَ فَخَارِجٌ عَنْ الْمَبْحَثِ، وَأَمَّا فِي نِسْبَةٍ كَمَا إذَا أَوْصَى لِمَوَالِيهِ بِشَيْءٍ، وَلَهُ مُعْتَقٌ، وَمُعْتَقُ مُعْتَقٍ يَسْتَحِقُّ الْأَوَّلُ لِأَنَّ مَوْلَى زَيْدٍ مَثَلًا حَقِيقَةٌ فِي مُعْتَقِهِ لِأَنَّ إضَافَةَ الْمُشْتَقِّ تُفِيدُ اخْتِصَاصَ مَعْنَاهُ بِالْمُضَافِ إلَيْهِ بِاعْتِبَارِ مَفْهُومِهِ مَثَلًا مَكْتُوبُ زَيْدٍ مَا يَخْتَصُّ بِهِ بِاعْتِبَارِ مَكْتُوبِيَّتِهِ لَهُ مَجَازٌ فِي مُعْتَقِ مُعْتَقِهِ لِوُجُودِ الْمُلَابَسَةِ، وَهِيَ كَوْنُ زَيْدٍ سَبَبًا لِعِتْقِهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَأَمَّا لَفْظُ الْمَوْلَى فَحَقِيقَةٌ فِي الْعِتْقِ سَوَاءٌ أَعْتَقَهُ حُرُّ الْأَصْلِ أَوْ غَيْرُهُ فَهُوَ لَيْسَ بِمَجَازٍ فِي مُعْتَقِ الْمُعْتَقِ عَلَى مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ ظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْعِتْقُ الْأَوَّلُ أَسْفَلَ لِأَنَّهُ أَصْلٌ، وَالْفُرُوعُ أَعَالِي لِلْأُصُولِ كَأَغْصَانِ الشَّجَرَةِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُسَمَّى أَسْفَلَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُعْتِقِ اسْمُ فَاعِلٍ حَيْثُ سَمَّى الْمَوْلَى الْأَعْلَى.

(قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا أَوْصَى) يُرِيدُ أَنَّ لَفْظَ الِابْنِ أَوْ الْوَلَدِ الْمُضَافَيْنِ شَخْصٌ حَقِيقَةٌ فِي أَبْنَائِهِ وَأَوْلَادِهِ الصُّلْبِيَّةِ مَجَازٌ فِي ابْنِ الِابْنِ فَلَوْ أَوْصَى لِأَبْنَائِهِ، وَلَهُ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ يَسْتَحِقُّ الذُّكُورُ خَاصَّةً عِنْدَهُ، وَالذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ عِنْدَهُمَا، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ إنَاثٌ خَاصَّةً فَلَا شَيْءَ لَهُنَّ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَبْنَاءٌ وَبَنُو أَبْنَاءٍ يَسْتَحِقُّ الْأَبْنَاءُ خَاصَّةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَلًا بِالْحَقِيقَةِ وَعِنْدَهُمَا الْجَمِيعُ عَمَلًا بِعُمُومِ الْمَجَازِ حَيْثُ يُطْلَقُ الْأَبْنَاءُ عُرْفًا عَلَى الْفَرِيقَيْنِ، وَإِنْ أَوْصَى لِأَوْلَادِهِ فَلِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ الصُّلْبِيَّةِ مُخْتَلِطَةً أَوْ مُنْفَرِدَةً، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ وَأَوْلَادُ ابْنٍ فَعِنْدَهُ يَسْتَحِقُّ الصُّلْبِيَّةُ خَاصَّةً وَعِنْدَهُمَا الْجَمِيعُ، وَقِيلَ الصُّلْبِيَّاتُ خَاصَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ الْأَوْلَادَ لَا يُطْلَقُ عُرْفًا عَلَى أَوْلَادِ الِابْنِ بِخِلَافِ الْأَبْنَاءِ. فَإِنْ قِيلَ لَوْ قَالَ الْكُفَّارُ آمِنُونَا

<<  <  ج: ص:  >  >>