- عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ» لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِهَا مَا وُضِعَتْ لَهُ وَلَا الْمَسُّ بِالْيَدِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: ٤٣] لِأَنَّ الْوَطْءَ وَهُوَ الْمَجَازُ مُرَادٌ بِالْإِجْمَاعِ اعْلَمْ أَنَّ لَفْظَ الْمَوْلَى حَقِيقَةٌ فِي الْمَوْلَى الْأَسْفَلِ وَهُوَ الْمُعْتَقُ مَجَازٌ فِي مُعْتَقِ الْمُعْتَقِ فَإِذَا أَوْصَى لِمَوَالِيهِ لَا يَسْتَحِقُّ مُعْتَقُ الْمُعْتَقِ مَعَ وُجُودِ الْمُعْتَقِ وَكَذَا إذَا أَوْصَى لِأَوْلَادِ فُلَانٍ أَوْ لِأَبْنَائِهِ وَلَهُ بَنُونَ وَبَنُو بَنِينَ فَالْوَصِيَّةُ لِأَبْنَائِهِ دُونَ بَنِي بَنِيهِ أَمَّا دُخُولُ بَنِي الْبَنِينَ فِي الْأَمَانِ فِي قَوْلِهِ آمِنُونَا عَلَى أَوْلَادِنَا فَلِأَنَّ الْأَمَانَ لِحَقْنِ الدَّمِ فَيَبْتَنِي عَلَى الشُّبُهَاتِ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ (وَلَا جَمْعَ بَيْنَهُمَا بِالْحِنْثِ إذَا دَخَلَ حَافِيًا أَوْ مُتَنَعِّلًا أَوْ رَاكِبًا فِي لَا يَضَعُ قَدَمَهُ فِي دَارِ فُلَانٍ لِأَنَّهُ مَجَازٌ عَنْ لَا يَدْخُلُ فَيَحْنَثُ كَيْفَ دَخَلَ فَلِهَذَا مِنْ بَابِ عُمُومِ الْمَجَازِ) اعْلَمْ أَنَّهُ تُذْكَرُ هُنَا مَسَائِلُ تَتَرَاءَى أَنَّا جَمَعْنَا فِيمَا بَيْنَ الْحَقِيقَةِ
ــ
[التلويح]
بِالْقَرِينَةِ الْمَانِعَةِ عَنْ إرَادَةِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ هُوَ كَوْنُ اللَّفْظِ مَجَازًا لَا إرَادَةَ الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ أَيْ الَّذِي يَتَّصِلُ بِالْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ بِنَوْعِ عَلَاقَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ عَيْنُ النِّزَاعِ فَإِنْ قِيلَ فَاللَّفْظُ فِي الْمَجْمُوعِ مَجَازٌ، وَالْمَجَازُ مَشْرُوطٌ بِالْقَرِينَةِ الْمَانِعَةِ عَنْ إرَادَةِ الْمَوْضُوعِ لَهُ فَيَكُونُ الْمَوْضُوعُ لَهُ مُرَادًا، وَهَذَا مُحَالٌ قُلْنَا الْمَوْضُوعُ لَهُ هُوَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ وَحْدَهُ فَيَجِبُ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُ وَحْدَهُ لَيْسَ بِمُرَادٍ، وَهِيَ لَا تُنَافِي كَوْنَهُ دَاخِلًا تَحْتَ الْمُرَادِ، وَأَمَّا الْخَامِسُ فَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ إثْبَاتًا لِلْحُكْمِ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ فَبَاطِلٌ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ اسْتِعْمَالَ الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ وَالْعَارِيَّةِ مُحَالٌ شَرْعًا، وَحُصُولُ الشَّخْصَيْنِ فِي مَكَان وَاحِدٍ يَشْغَلُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِتَمَامِهِ مُحَالٌ عَقْلًا فَمِنْ أَيْنَ يَلْزَمُ مِنْهُ اسْتِحَالَةُ إطْلَاقِ اللَّفْظِ وَإِرَادَةُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ مَعًا؟ ، وَإِنْ كَانَ تَوْضِيحًا وَتَمْثِيلًا لِلْمَعْقُولِ بِالْمَحْسُوسِ فَلَا بُدَّ مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى اسْتِحَالَةِ إرَادَةِ الْمَعْنَيَيْنِ فَإِنَّهَا مَمْنُوعَةٌ، وَدَعْوَى الضَّرُورَةِ فِيهَا غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ عَلَى أَنَّا لَا نَجْعَلُ اللَّفْظَ عِنْدَ إرَادَةِ الْمَعْنَيَيْنِ حَقِيقَةً وَمَجَازًا لِيَكُونَ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِمَا بِمَنْزِلَةِ اسْتِعْمَالِ الثَّوْبِ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ وَالْعَارِيَّةِ بَلْ نَجْعَلُهُ مَجَازًا قَطْعًا لِكَوْنِهِ مُسْتَعْمَلًا فِي الْمَجْمُوعِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ الْمَوْضُوعِ لَهُ.
(قَوْلُهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ) أَوْرَدَ فِي الْمَتْنِ مِنْ فُرُوعِ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ ثَلَاثَةً لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ إرَادَةُ الْمَجَازِ فَيَمْتَنِعُ إرَادَةُ الْحَقِيقَةِ كَالْمُلَامَسَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: ٤٣] أُرِيدَ بِهَا الْوَطْءُ مَجَازًا بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى حَلَّ لِلْجُنُبِ التَّيَمُّمُ فَلَا يُرَادُ الْمَسُّ بِالْيَدِ. فَإِنْ قِيلَ لَا إجْمَاعَ مَعَ مُخَالَفَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَعِنْدَهُ الْمُرَادُ بِهَا الْمَسُّ بِالْيَدِ، وَلَا صِحَّةَ لِتَيَمُّمِ الْجُنُبِ قُلْنَا أَرَادَ إجْمَاعَ مَنْ بَعْدَ الصَّحَابَةِ بَلْ إجْمَاعَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى الْمَسِّ بِالْيَدِ، وَجَوَّزَ تَيَمُّمَ الْجُنُبِ بِدَلِيلٍ آخَرَ لَا يُقَالُ هُوَ مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْوَطْءُ، وَيَحِلُّ تَيَمُّمُ الْجُنُبِ أَوْ لَمْسٌ بِالْيَدِ، وَلَا يَحِلُّ ذَلِكَ لِأَنَّا نَقُولُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ لَوْ رَفَعَ أَمْرًا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، وَعَدَمُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْمَسُّ بِالْيَدِ مَعَ جَوَازِ التَّيَمُّمِ لَيْسَ قَوْلًا بِالْعَدَمِ حَتَّى يَمْتَنِعَ مُخَالَفَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ إرَادَةُ الْحَقِيقَةِ فَلَا يُرَادُ الْمَجَازُ، وَذَلِكَ إمَّا فِي مُفْرَدٍ كَالْخَمْرِ إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute