للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْيَوْمِ فِي الْآيَةِ الْوَقْتُ فَالْيَوْمُ حَقِيقَةٌ فِي النَّهَارِ وَكَثِيرًا مَا يُرَادُ بِهِ الْوَقْتُ مَجَازًا فَاحْتَجْنَا إلَى ضَابِطٍ يُعْرَفُ بِهِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْيَوْمِ النَّهَارُ أَوْ مُطْلَقُ الْوَقْتِ وَالضَّابِطُ هُوَ قَوْلُهُ (فَإِذْ تَعَلَّقَ بِفِعْلٍ مُمْتَدٍّ فَلِلنَّهَارِ وَبِغَيْرِ مُمْتَدٍّ فَلِلْوَقْتِ لِأَنَّ الْفِعْلَ إذَا نُسِبَ إلَى ظَرْفِ الزَّمَانِ بِغَيْرِ فِي يَقْتَضِي كَوْنَهُ) أَيْ كَوْنَ ظَرْفِ الزَّمَانِ (مِعْيَارًا لَهُ) أَيْ لِلْفِعْلِ وَالْمُرَادُ بِالْمِعْيَارِ ظَرْفٌ لَا يَفْضُلُ عَنْ الْمَظْرُوفِ كَالْيَوْمِ لِلصَّوْمِ وَهَذَا الْبَحْثُ كُلُّهُ يَأْتِي فِي كَلِمَةٍ فِي فَصْلِ حُرُوفِ الْمَعَانِي (فَإِنْ امْتَدَّ الْفِعْلُ امْتَدَّ الْمِعْيَارُ فَيُرَادُ بِالْيَوْمِ النَّهَارُ) لِأَنَّ النَّهَارَ أَوْلَى (وَإِنْ لَمْ يَمْتَدَّ) أَيْ لِلْفِعْلِ (كَوُقُوعِ الطَّلَاقِ هُنَا)

ــ

[التلويح]

مُضَافَةً إلَى فُلَانٍ نِسْبَةُ السُّكْنَى بِدَلَالَةِ الْعَادَةِ، وَهُوَ أَنَّ الدَّارَ لَا تُعَادَى، وَلَا تُهْجَرُ لِذَاتِهَا بَلْ لِبَعْضِ سَاكِنِهَا إلَّا أَنَّ السُّكْنَى قَدْ تَكُونُ حَقِيقَةً، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ تَكُونُ دَلَالَةً بِأَنْ تَكُونَ الدَّارُ مِلْكًا لَهُ فَيَتَمَكَّنَ مِنْ السُّكْنَى فِيهَا فَيَحْنَثَ بِالدُّخُولِ فِي دَارِ تَكُونُ مِلْكًا لِفُلَانٍ، وَلَا يَكُونُ هُوَ سَاكِنًا فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ غَيْرُهُ سَاكِنًا فِيهَا أَوْ لَا لِقِيَامِ دَلِيلِ السُّكْنَى التَّقْدِيرِيِّ، وَهُوَ الْمِلْكُ. صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ، وَالظَّهِيرِيَّةِ لَكِنْ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرُهُ سَاكِنًا فِيهَا لَا يَحْنَثُ لِانْقِطَاعِ النِّسْبَةِ بِفِعْلِ غَيْرِهِ

١ -

(قَوْلُهُ فَإِذَا تَعَلَّقَ بِفِعْلٍ مُمْتَدٍّ) هُوَ مَا يَصِحُّ تَقْدِيرُهُ بِمُدَّةٍ مِثْلَ لَبِسْتُ الثَّوْبَ يَوْمَيْنِ، وَرَكِبْتُ الْفَرَسَ يَوْمًا بِخِلَافِ قَدِمْت يَوْمَيْنِ، وَدَخَلْت ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الِامْتِدَادِ وَعَدَمِهِ هُوَ الْفِعْلُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الْيَوْمُ لَا الْفِعْلُ الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ الْيَوْمُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْيَوْمَ حَقِيقَةٌ فِي النَّهَارِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِهِ، وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْفِعْلُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الْيَوْمُ غَيْرَ مُمْتَدٍّ لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمَنْسُوبَ إلَى ظَرْفِ الزَّمَانِ بِوَاسِطَةِ تَقْدِيرِ فِي دُونَ ذِكْرِهِ يَقْتَضِي كَوْنَ الظَّرْفِ مِعْيَارًا لَهُ غَيْرَ زَائِدٍ عَلَيْهِ مِثْلَ صُمْتُ الشَّهْرَ يَدُلُّ عَلَى صَوْمِ جَمِيعِ أَيَّامِهِ بِخِلَافِ صُمْت فِي الشَّهْرِ فَإِذَا امْتَدَّ الْفِعْلُ امْتَدَّ الظَّرْفُ لِيَكُونَ مِعْيَارًا لَهُ فَيَصِحُّ حَمْلُ الْيَوْمِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَهُوَ مَا امْتَدَّ مِنْ الطُّلُوعِ إلَى الْغُرُوبِ، وَإِذَا لَمْ يَمْتَدَّ الْفِعْلُ لَمْ يَمْتَدَّ الظَّرْفُ لِأَنَّ الْمُمْتَدَّ لَا يَكُونُ مِعْيَارًا لِغَيْرِ الْمُمْتَدِّ فَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ حَمْلُ الْيَوْمِ عَلَى النَّهَارِ الْمُمْتَدِّ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَجَازًا عَنْ جُزْءٍ مِنْ الزَّمَانِ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْعُرْفِ مُمْتَدًّا، وَهُوَ الْآنَ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ النَّهَارِ أَوْ مِنْ اللَّيْلِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: ١٦] فَإِنَّ التَّوَلِّيَ عَنْ الزَّحْفِ حَرَامٌ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا، أَوْ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْآنَ جُزْءٌ مِنْ الْآنَ الْيَوْمِيِّ، وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ الْيَوْمِ فَيَكُونُ مُطْلَقُ الْآنَ جُزْءًا مِنْ الْيَوْمِ فَنُحَقِّقُ الْعَلَاقَةَ، وَكَلَامُ الْمُحِيطِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْيَوْمَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ مُطْلَقِ الْوَقْتِ وَبَيْنَ بَيَاضِ النَّهَارِ إلَّا أَنَّ الْمُتَعَارَفَ اسْتِعْمَالُهُ فِي مُطْلَقِ الْوَقْتِ إذَا قُرِنَ بِفِعْلٍ لَا يَمْتَدُّ، وَفِي بَيَاضِ النَّهَارِ إذَا قُرِنَ بِفِعْلٍ مُمْتَدٍّ، وَاسْتِعْمَالُ النَّاسِ حُجَّةٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهَا، فَإِنْ قُلْت قَدْ وَقَعَ فِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْمَشَايِخِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْمُضَافُ إلَيْهِ حَيْثُ قَالُوا فِي مِثْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>