أَيْ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ (لَا يَمْتَدُّ الْمِعْيَارُ فَيُرَادُ بِهِ الْآنَ) إذْ لَا يُمْكِنُ إرَادَةُ النَّهَارِ بِالْيَوْمِ فَيُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الْآنَ وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُ ذَلِكَ الْآنَ جُزْءًا مِنْ النَّهَارِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: ١٦] وَلِأَنَّ الْعَلَاقَةَ مَوْجُودَةٌ بَيْنَ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ وَمُطْلَقِ الْآنَ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْآنَ جُزْءًا مِنْ النَّهَارِ أَوْ مِنْ اللَّيْلِ (وَلَا بِالْحِنْثِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِالْحِنْثِ الَّذِي سَبَقَ (بِأَكْلِ الْحِنْطَةِ وَمَا يُتَّخَذُ مِنْهَا عِنْدَهُمَا فِي لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ لِأَنَّهُ يُرَادُ بَاطِنُهَا عَادَةً فَيَحْنَثُ بِعُمُومِ الْمَجَازِ) (وَلَا يَرِدُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ) رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَيْ عَلَى مَسْأَلَةِ امْتِنَاعِ الْجَمْعِ
ــ
[التلويح]
أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ أَتَزَوَّجُك أَوْ أُكَلِّمُك إنَّ التَّزَوُّجَ أَوْ التَّكَلُّمَ لَا يَمْتَدُّ، وَكَذَا وَقَعَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَإِيمَانِ الْهِدَايَةِ قُلْت هُوَ مِنْ تَسَامُحَاتِهِمْ حَيْثُ لَمْ يَخْتَلِفْ الْجَوَابُ لِتَوَافُقِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ فِي الِامْتِدَادِ، وَعَدَمِهِ، وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفْنَا فِي مِثْلِ أَمْرُك بِيَدِك يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الظَّرْفُ، لَا مَا أُضِيفَ إلَيْهِ حَتَّى لَوْ قَدِمَ لَيْلًا لَا يَكُونُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا لِأَنَّ كَوْنَ الْأَمْرِ بِيَدِهَا مِمَّا يَمْتَدُّ فَإِنْ قُلْت التَّكَلُّمُ مِمَّا يَقْبَلُ التَّقْدِيرَ بِالْمُدَّةِ فَكَيْفَ جَعَلُوهُ غَيْرَ مُمْتَدٍّ قُلْت امْتِدَادُ الْأَعْرَاضِ إنَّمَا هُوَ بِتَجَدُّدِ الْأَمْثَالِ كَالضَّرْبِ وَالْجُلُوسِ وَالرُّكُوبِ فَمَا يَكُونُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ مِثْلُهَا فِي الْأُولَى مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَجُعِلَ كَالْعَيْنِ الْمُمْتَدِّ بِخِلَافِ الْكَلَامِ فَإِنَّ الْمُتَحَقِّقَ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ لَا يَكُونُ مِثْلَهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى فَلَا يَتَحَقَّقُ تَجَدُّدُ الْأَمْثَالِ فَإِنْ قُلْت كَمَا أَنَّ الْيَوْمَ ظَرْفٌ لِلْفِعْلِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ كَذَلِكَ هُوَ ظَرْفٌ لِلْفِعْلِ الْمُضَافِ إلَيْهِ فَيَجِبُ امْتِدَادُهُ بِامْتِدَادِهِ، وَعَدَمُهُ بِعَدَمِ امْتِدَادِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْآنَ عِنْدَ عَدَمِ امْتِدَادِ الْمُضَافِ إلَيْهِ فَإِنْ قُلْت هُوَ ظَرْفٌ لَهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ بِتَقْدِيرِ فِي كَمَا فِي صُمْت الشَّهْرَ حَتَّى يَلْزَمَ كَوْنُ الظَّرْفِ مِعْيَارًا لَهُ فَيَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ بِمَنْزِلَةِ الْيَوْمِ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ زَيْدٌ، وَيَوْمَ يَرْكَبُ زَيْدٌ بِمَنْزِلَةِ الْيَوْمِ الَّذِي يَرْكَبُ فِيهِ، وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ وُقُوعُ الْفِعْلِ فِي جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْيَوْمِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ظَرْفِيَّتَهُ لِلْعَامِلِ قَصْدِيَّةٌ لَا ضِمْنِيَّةٌ، وَحَاصِلَةٌ لَفْظًا وَمَعْنًى لَا مُقْتَصِرَةٌ عَلَى الْمَعْنَى بِخِلَافِ الْمُضَافِ إلَيْهِ فَاعْتِبَارُ الْعَامِلِ أَوْلَى عِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا بِالِامْتِدَادِ وَعَدَمِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الدَّلِيلِ يَتَضَمَّنُ الْجَوَابَ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ وَعَمَّا قِيلَ سَلَّمْنَا أَنَّ امْتِدَادَ الْفِعْلِ يَقْتَضِي امْتِدَادَ الظَّرْفِ وَعَدَمَهُ يَقْتَضِي عَدَمَهُ لَكِنْ مِنْ أَيْنَ يَلْزَمُ فِي الْأَوَّلِ حَمْلُهُ عَلَى بَيَاضِ النَّهَارِ، وَفِي الثَّانِي عَلَى مُطْلَقِ الْوَقْتِ؟ فَإِنْ قُلْت كَثِيرًا مَا يَمْتَدُّ الْفِعْلُ مَعَ كَوْنِ الْيَوْمِ لِمُطْلَقِ الْوَقْتِ مِثْلَ ارْكَبُوا يَوْمَ يَأْتِيكُمْ الْعَدُوُّ، وَأَحْسِنُوا الظَّنَّ بِاَللَّهِ يَوْمَ يَأْتِيكُمْ الْمَوْتُ، وَبِالْعَكْسِ مِثْلَ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ نَصُومُ، وَأَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ تَنْكَسِفُ الشَّمْسُ قُلْت الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالْخُلُوِّ عِنْدَ الْمَوَانِعِ، وَلَا يَمْتَنِعُ مُخَالَفَتُهُ بِمَعُونَةِ الْقَرَائِنِ كَمَا فِي الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا امْتِنَاعَ فِي حَمْلِ الْيَوْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute