لِأَنَّ إبْطَالَ الْأَصْلِ بِالْوَصْفِ بَاطِلٌ، وَالْوَصْفُ وَحْدَهُ لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْإِثْمُ، وَكَذَا صِفَةُ الْجَوْدَةِ) أَيْ لَا تُقْضَى؛ لِأَنَّ إبْطَالَ الْأَصْلِ إلَخْ (إذَا أَدَّى الزُّيُوفَ فِي الزَّكَاةِ فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ أَوْجَبْتُمْ الْفِدْيَةَ فِي الصَّلَاةِ قِيَاسًا) أَيْ عَلَى الصَّوْمِ؟ هَذَا الْإِشْكَالُ عَلَى قَوْلِهِ، وَمَا لَا يُعْقَلُ لَهُ مِثْلٌ، قَوْلُهُ لَا يُقْضَى إلَّا بِنَصٍّ، وَقَدْ عُدِمَ النَّصُّ بِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ إذَا فَاتَتْ الصَّلَاةُ لِلشَّيْخِ الْفَانِي، وَالنَّصُّ وَرَدَ فِي الصَّوْمِ بِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ، وَهَذَا حُكْمٌ لَا يُدْرَكُ بِالْقِيَاسِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقَاسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَأَمَّا الْأُضْحِيَّةُ فَلِأَنَّ إرَاقَةَ الدَّمِ لَمْ تُعْرَفْ قُرْبَةً فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَيَّامِ، وَلَا يُدْرَى أَنَّ التَّصَدُّقَ بِعَيْنِ الشَّاةِ أَوْ بِقِيمَتِهَا هَلْ هُوَ مِثْلُ قُرْبَةِ الْإِرَاقَةِ أَمْ لَا (وَالتَّصَدُّقُ بِالْعَيْنِ أَوْ الْقِيمَةِ فِي الْأُضْحِيَّةِ قُلْنَا يُحْتَمَلُ فِي الصَّوْمِ التَّعْلِيلُ بِالْعَجْزِ فَقُلْنَا بِالْوُجُوبِ احْتِيَاطًا فَيَكُونُ آتِيًا بِالْمَنْدُوبِ أَوْ الْوَاجِبِ، وَنَرْجُو الْقَبُولَ) فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْفِدْيَةُ وَاجِبَةً قَضَاءً لِلصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ آتِيًا بِالْمَنْدُوبِ وَمُحَمَّدٌ قَالَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ نَرْجُو الْقَبُولَ.
(فِي الْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعِبَادَةِ الْمَالِيَّةِ التَّصَدُّقُ بِالْعَيْنِ إلَّا أَنَّهُ نُقِلَ إلَى الْإِرَاقَةِ تَطْيِيبًا لِلطَّعَامِ، وَتَحْقِيقًا لِضِيَافَةِ اللَّهِ لَكِنْ لَمْ نَعْمَلْ بِهَذَا التَّعْلِيلِ الْمَظْنُونِ) ، وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعِبَادَةِ الْمَالِيَّةِ التَّصَدُّقُ بِالْعَيْنِ (وَفِي الْوَقْتِ) حَتَّى لَمْ نَقُلْ إنَّ التَّصَدُّقَ بِالْعَيْنِ فِي الْوَقْتِ يَجُوزُ (فِي مَعْرِضِ النَّصِّ، وَعَمِلْنَا بِهِ بَعْدَ الْوَقْتِ احْتِيَاطًا فَلِهَذَا) الْإِشَارَةُ تَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ، وَعَمِلْنَا بِهِ بَعْدَ الْوَقْتِ (إذَا جَاءَ الْعَامُ الثَّانِي لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى التَّضْحِيَةِ
ــ
[التلويح]
أَوْ غَيْرِ مَعْقُولٍ وَإِمَّا غَيْرُ مَحْضٍ (قَوْلُهُ: وَثَوَابُ النَّفَقَةِ لِلْحَجِّ) يُشِيرُ إلَى قَوْلِ الْعَامَّةِ أَنَّ الْحَجَّ يَقَعُ عَنْ الْمُبَاشِرِ، وَلِلْآمِرِ ثَوَابُ الْإِنْفَاقِ؛ لِأَنَّ النِّيَابَةَ لَا تَجْرِي فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ إلَّا أَنَّ فِي الْحَجِّ شَائِبَةَ الْمَالِيَّةِ مِنْ جِهَةِ الِاحْتِيَاجِ إلَى الزَّادِ، وَالرَّاحِلَةِ فَمِنْ جِهَة الْمُبَاشَرَةِ يَقَعُ عَنْ الْمَأْمُورِ، وَمِنْ جِهَةِ الْإِنْفَاقِ عَنْ الْآمِرِ.، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْآمِرِ بِظَوَاهِر الْأَحَادِيثِ، وَعَلَى التَّقْدِيرِ فَالْوَاجِبُ عَلَى الْآمِرِ مُبَاشَرَةُ الْأَفْعَالِ، وَالصَّادِرُ عَنْهُ هُوَ الْإِنْفَاقُ، وَالْمُمَاثَلَةُ بَيْنَهُمَا غَيْرُ مَعْقُولَةٍ، وَفِي قَوْلِهِ، وَثَوَابُ النَّفَقَةِ لِلْحَجِّ يُسَامَحُ؛ لِأَنَّ التَّمْثِيلَ إمَّا لِلْقَضَاءِ أَوْ لِلْمِثْلِ، وَالثَّوَابُ لَيْسَ شَيْئًا مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ، وَلَا يَقْضِي تَعْدِيلَ الْأَرْكَانِ) الْفَائِتَ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا صِفَةَ الْجَوْدَةِ الْفَائِتَةِ فِي الدَّرَاهِمِ الْمُؤَدَّاةِ فِي الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَقْضِيَ الْوَصْفَ وَحْدَهُ، وَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ لَهُ مِثْلٌ، وَلَا يُوجَدُ لَهُ نَصٌّ أَوْ مَعَ الْأَصْلِ بِأَنْ يَقْضِيَ صَلَاةً مُعْتَدِلَةَ الْأَرْكَانِ أَوْ يَقْضِيَ نَفْسَ الرُّكْنِ بِصِفَةِ الِاعْتِدَالِ، وَيَقْضِيَ دَرَاهِمَ جِيَادًا، وَهُوَ أَيْضًا بَاطِلٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ الْأَصْلِ بِوَاسِطَةِ بُطْلَانِ الْوَصْفِ، وَهُوَ نَقْضُ الْأُصُولِ، وَقَلْبُ الْمَعْقُولِ (قَوْلُهُ فَقُلْنَا بِالْوُجُوبِ احْتِيَاطًا) أَيْ لَا قِيَاسًا، وَلَا دَلَالَةً؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُؤَثِّرَ فِي إيجَابِ الْفِدْيَةِ كَالْعَجْزِ مَثَلًا مَشْكُوكٌ لَا مَعْلُومٌ إلَّا أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ التَّعْلِيلِ بِالْعَجْزِ تَكُونُ الْفِدْيَةُ فِي الصَّلَاةِ أَيْضًا وَاجِبَةً بِالْقِيَاسِ الصَّحِيحِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ التَّعْلِيلِ تَكُونُ حَسَنَةً مَنْدُوبَةً تَمْحُو سَيِّئَةً فَيَكُونُ الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ أَحْوَطَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute