للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ لَمَّا اُحْتُمِلَ جِهَةُ أَصَالَتِهِ، وَوَقَعَ الْحُكْمُ بِهِ لَمْ يَبْطُلْ بِالشَّكِّ، وَإِمَّا قَضَاءٍ يُشْبِهُ الْأَدَاءَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَإِمَّا بِمِثْلٍ غَيْرِ مَعْقُولٍ (كَمَا إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الْعِيدِ رَاكِعًا كَبَّرَ فِي رُكُوعِهِ) أَيْ كَبَّرَ تَكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدِ (فَإِنَّهُ، وَإِنْ فَاتَ مَوْضِعُهُ، وَلَيْسَ لِتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ قَضَاءٌ إذْ لَيْسَ لَهَا الْمِثْلُ قُرْبَةً لَكِنْ لِلرُّكُوعِ شَبَهٌ بِالْقِيَامِ فَيَكُونُ شَبِيهًا بِالْأَدَاءِ) .

(، وَحُقُوقُ الْعِبَادِ أَيْضًا تَنْقَسِمُ إلَى هَذَا

ــ

[التلويح]

وَيُرْجَى قَبُولُهَا، وَلِهَذَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ فِي فِدْيَةِ الصَّلَاةِ تُجْزِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْأُضْحِيَّةِ) عَطْفٌ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ أَيْ قُلْنَا بِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ فِي الصَّلَاةِ؛ لِمَا ذُكِرَ، وَبِوُجُوبِ التَّصْدِيقِ بِالْعَيْنِ أَوْ الْقِيمَةِ فِي الْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مَالِيَّةٌ تَثْبُتُ فِي قُرْبَةٍ بِالْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، وَالْأَصْلُ فِي الْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ التَّصَدُّقُ بِالْعَيْنِ مُخَالَفَةٌ لِهَوَى النَّفْسِ بِتَرْكِ الْمَحْبُوبِ إلَّا أَنَّ التَّصَدُّقَ بِالْعَيْنِ نُقِلَ فِي الْأُضْحِيَّةِ إلَى إرَاقَةِ الدَّمِ تَطْيِيبًا لِلطَّعَامِ بِإِزَالَةِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مَالُ الصَّدَقَةِ مِنْ أَوْسَاخِ الذُّنُوبِ، وَالْآثَامِ فَبِالْإِرَاقَةِ يَنْتَقِلُ الْخُبْثُ إلَى الدِّمَاءِ فَتَصِيرُ ضِيَافَةُ اللَّهِ تَعَالَى بِأَطْيَبَ مَا عِنْدَهُ عَلَى مَا هُوَ مَادَّةُ الْكِرَامِ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الْغَنِيُّ، وَالْفَقِيرُ إلَّا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَفْسُ التَّضْحِيَةِ، وَالْإِرَاقَةِ أَصْلًا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ مَعْنَى التَّصَدُّقِ فَفِي الْوَقْتِ لَمْ نَعْمَلْ بِالتَّعْلِيلِ الْمَظْنُونِ، وَلَمْ نَقُلْ بِجَوَازِ التَّصَدُّقِ بِالْعَيْنِ أَوْ الْقِيمَةِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ لِقِيَامِ النَّصِّ الْوَارِدِ بِالتَّضْحِيَةِ وَبَعْدَ الْوَقْتِ عَمِلْنَا بِالْأَصْلِ، وَأَوْجَبْنَا التَّصَدُّقَ بِعَيْنِ الشَّاةِ الَّتِي عُيِّنَتْ لِلتَّضْحِيَةِ أَوْ بِالْقِيمَةِ إنْ اُسْتُهْلِكَتْ الْمُعَيَّنَةُ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا احْتِيَاطًا فِي بَابِ الْعِبَادَةِ، وَأَخَذَ بِالْمُحْتَمَلِ لَا عَمَلًا بِالْقِيَاسِ فِيمَا لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ فَقَوْلُهُ فِي الْوَقْتِ، وَفِي مَعْرِضِ النَّصِّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَمْ نَعْمَلْ بِهَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرًا إلَى عِبَارَةِ الْمَتْنِ إلَّا أَنَّهُ جَعَلَ فِي الْوَقْتِ مُتَعَلِّقًا بِالتَّصَدُّقِ بِالْعَيْنِ مِنْ كَلَامِ شَرْحِ (قَوْلِهِ لَمْ يَبْطُلْ بِالشَّكِّ) أَيْ بِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْإِرَاقَةُ أَصْلًا، وَقَدْ قَدَرَ عَلَى الْمِثْلِ بِمَجِيءِ أَيَّامِ النَّحْرِ.

فَإِنْ قُلْت فَكَيْفَ يَنْتَقِلُ الْحُكْمُ إلَى الصَّوْمِ فِيمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ عَنْ الصَّوْمِ فَقَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ؟ قُلْت؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْأَصْلِ فِي الشَّهْرِ هُوَ الصَّوْمُ لَيْسَ بِمَشْكُوكٍ بَلْ مُتَيَقَّنٌ فَعِنْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ تَيَقَّنَ بَقَاءَ وُجُوبِ الصَّوْمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] (قَوْلُهُ لَكِنَّ لِلرُّكُوعِ شَبَهٌ بِالْقِيَامِ) مِنْ جِهَةِ بَقَاءِ الِانْتِصَابِ، وَالِاسْتِوَاءِ فِي النِّصْفِ الْأَسْفَلِ مِنْ الْبَدَنِ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ الْقُعُودُ بِانْتِفَائِهِ؛ لِأَنَّ اسْتِوَاءَ أَعَالِي الْبَدَنِ مَوْجُودٌ فِي الْحَالَيْنِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِقِيَامٍ حَقِيقَةً لِمَكَانِ الِانْحِنَاءِ

قَوْلُهُ (تَنْقَسِمُ إلَى هَذَا الْوَجْهِ) الصَّوَابُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَمَا هُوَ لَفْظُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(قَوْلُهُ، وَالْبَيْعُ) أَيْ وَكَتَسْلِيمِ عَيْنِ الْحَقِّ فِي الْبَيْعِ، وَفِي عَقْدِ الصَّرْفِ، وَالسَّلَمِ فَيَكُونُ هَذَا الْعَطْفُ مِنْ قَبِيلِ

عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا

لِأَنَّ الرَّدَّ يَقْتَضِي سَابِقِيَّةَ الْأَخْذِ فَيَصِحُّ فِي الْغَصْبِ دُونَ الْبَيْعِ، وَفِي التَّمْثِيلِ بِالْأَمْثِلَةِ الْأَرْبَعَةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَدَاءَ الْكَامِلَ قَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>