الأبصار بمطارح أنوارها المشعشعة، وجعل فيها إثر تمامها لأهل مملكته مشهداً فقال لقرابته ومن حضره من الوزراء وأهل الخدمة مفتخراً عليهم بما صنعه من ذلك مع ما يتصل به من البدائع الفتانة: هل رأيتم قبلي أو سَمِعتم من فعل مثل فعلي هذا أو قَدر عليه؟ فقالوا: لا والله يا أمير المؤمنين وأنّك لأوحد في شأنك
كله، ولا سبقك في مبتدعاتك هذه مَلِك رأيناه، ولا انتهى إلينا خبره، فأبهجه قولهم، وبينما هو كذلك سارّاً ضاحكاً إذ دخل عليه القاضي منذر بن سعيد واجماً ناكِسَ الرَّأس فلما أخذ مَجلِسه، قال له كالذي قال لوزرائه من ذكر السّقف، واقتداره على إبداعه، فأقبلت دموع القاضي تنحدر على لحيته، وقال له: والله يا أمير المؤمنين ما ظننت أن الشيطان أخزاه الله يبلغ منك هذا المبلغ ولا أن تمكّنه من قيادك هذا التّمكين مع ما أتاك الله وفضّلك على العالمين، حتى ينزلك منازل الكافرين، قال: فاقشعرّ عبد الرحمن من قوله، وقال: أنظر ما تقول، وكيف أنزّلني منازلهم؟ قال: نعم، أليس الله تبارك وتعالى يقول: (وَلوْلاَ أَنْ يكونَ