وبنو حَزم فِتيةُ عِلمٍ وأدَب، وثنّية مجدٍ وحَسب، وأبو المغيرة هذا في الكتابة أوحَد، لا يُنعتُ ولا يحدّ، وهو فارس المِضمار، حامي ذلك الذِّمار، وبطلُ الرّعِيل، وأسد ذلك الغِيل، نَسق المُعجِزات، وسبقَ في المُعضِلات الموجزات، إذا كتب وشَّى المهارق ودّبج، وركب من بحر البلاغة الثَّبج، وكان هو وأبو عامر بن شهيد، خليليْ صَفاء، وحَليفي وَفاء، لا ينفصلان في رَواحٍ ولا مَقِيل، ولا يفترقان كمالكٍ وعَقيل، فكانا بقُرطُبة رافعيْ ألوَية الصَّبوَةِ، وعامريْ أندية السَّلوة، إلى أن اتُّخِذَ أبو عامرٍ في حُبالة الرَّدى وعَلِق، وغدا رَهنُه فيها قد غَلِق، فانفرد أبو المغيرة بذلك المَيدان، واستردَّ من سَبقِهِ ما فاته منذ زمان، فلم تذكر له مع أبي عامر حسنة، ولا سَرت له فِقرَة وإن كانت مُستحسَنة، لتعذُّر ذلك وامتناعه، بشفوف أبي عامر