من ثِنيةِ شرفٍ وحَسب، ومن أهل حَديث وأدب، إمام في اللّغة مُتقدِّم، فارع لأعلى رُتب الشعر متسنِّم، له رواية بالأندلس ورحلة إلى المشرق ثم عاد وقد توج بالمعارف المفرق، وأقام بقُرطبة عَلَماً من أعلامها، ومتسنّماً لترفّعها وإعظامها تُؤثِرُه الدُّول، وتصطفيه أملاكها الأُول، وما زال فيها مقيماً ولا برح عن طريق أمانيها مستقيماً، إلى أن اغتيل في إحدى الليالي بقضية يطول شرحُها، ولا ينقضي بَرحُها فأصبح مقتولاً في فراشه، مذهولاً كل أحد من انبساط الخطوب إليه على انكماشه، وقد أثبتُّ من محاسنه ما يُعجِبُ السامع وتصغي إليه المسامع، فمن ذلك قوله:
وَضَاعَفَ ما بالقَلبِ يَوْمَ رَحِيلهم ... على ما به منهم حنينُ الأباعرِ