فيما تضمّنه من الشكوى ويحضّه على إنصافها، وأرسلها بالكتاب إليه، فلما قرأه أجابه تحت الفصل الذي كتبه إليه يحيل على وكيله ويتبرأ من إساءته إلى المرأة دون بّينة يكلّفها ولا يمين، ويعدّد على القاضي فيما قابله به، فساء ذلك القاضي، وعزّ عليه إهماله ذلك من نفسه، فلما ركب إلى الزهراء وخرج من عند الخليفة وقصد إلى القباحة ونزل عليه، واعتذر إليه مما عدّده، وأقسم له أنه لم يستوفِ الكتاب المرفوع إليه، ولا وَقَف عليه، وقال له: يا سيّدي لا تكترث لهذا، فقلّما نجا منه أحد، إني أعرفك أن لقبي المقربلة وَلَقب والدي مرتكش، ولجدي - والله - لقب لست أعرفه، وأخي أبو عيسى يعرفه، وهو غائب، فإذا وصل كتبت به إليك فضحك القباحة من قوله وأثنى عليه، على طيب خُلُقه.
وجاءه في بعض الأيام من بادية حمل دقيق عليه قَفص دجاج، وكان على بابه المعتوه المعروف بابن شمس الضّحى، وكان من ولاية القاضي من صغره إلى أن شاخ وبلغ السنّ الطويل وإلى أن مات أسفَهَ ما يكون، وكان من شأنه، مواظبة دار القُضاة في كل وقت شاكياً أوصَابَه، فلما رأى الدجاج قال: يا قاضي أعطني دجاجة منهن، لا