أخبرني بعض العِلية أن الخطيب أبا الوليد بن عبّاد حجّ فلما انصرف تطلّع إلى لقاء المتنبي واستشرف، ورأى أن لُقياه فائدة يَكتسِبُها، وحُلَّة فخر لا يَحتسِبُها، فصار إليه فوجده في مسجد عمرو بن العاص ففاوضه قليلاً، ثم قال: أنشدني لمليح الأندلس، ويعني ابن عيد ربّه، فأنشده:
يا لُؤلؤا يَسْبي العُقُول أنِيقَا ... وَرَشاً بتقطيعِ القُلُوبِ رَفِيقَا
ما إنْ رأيتُ ولا سَمِعْتُ بِمِثْلِهِ ... دُرَّاً يعودُ من الحياء عَقِيقَا
وإذا نظرتَ إلى محاسن وَجْههِ ... أبْصَرْتَ وجهكَ في سناه غَرِيقَا
يا من تَقَطّع خِضْره من رِقَّةٍ ... ما بالُ قَلْبِكَ لا يكون رَقِيقَا
فلما أكمل إنشاده، استعاده منه، وقال: يا ابن عبد ربّه لقد تأتيك العراق حبوا.
وله أيضاً:
ومعذّرٍ نَقَشَ الجمالُ بِخَدِّه ... حُسْنَاً له بدَمِ القلوبُ مُضَرَّجَا
لمّا تَيقَّنَ أن سَيْفَ جفونِهِ ... من نَرْجِسٍ جَعَل النِّجَادَ بَنَفْسَجَا