أَبَا مُسْلم إنَّ الفَتَى بفؤادِهِ ... ومِقْوَلِهِ لا بالمراكب واللّبْسِ
وليس رواء المرء يُغني قُلامَةً ... إذا كان مَقْصوراً على قِصَر النَّفْسِ
وليس يفيد العِلْم والحِلْم والحِجَى ... أبا مُسْلِم طول القعود على الكرسي
واستدعاه الحكم المستنصر بالله أمير المؤمنين، فعجّل إليه وأسرع، وفرع لديه من رُبَى الآمال ما فَرع فلمّا طالت نَواه، واستطالت عليه لوعتُه وجَواه، وحنَ إلى مستقرّه بإشبيلية ومثواه، استأذن الحكم في اللُّحُوق بها، فلوَّمه ولواه فكتب إلى من كان يألفه ويَهواه:
وَيْحَكِ يَا سَلْمَ لا تُرَاعي ... لا بُدَّ للبَيْن من مَسَاع
لا تحسبيني صَبرتُ إلاّ ... كَصَبْرِ مَيْتٍ على النَّزَاعِ
ما خَلَقَ الله من عَذَابٍ ... أشدَّ من وَقْفَة الوِدَاعِ
ما بينها والحِمَام فَرْقٌ ... لولا المناحاتُ والنواعي