مع معاناة العلل، وإرهاف ذلك العَلل، والتثقيف للمؤتلف، والتنبيه على المختلف وشرح المقفل، واستدراك المغفل، وله فنون هي للشريعة رِتَاج، وفي مفرق الملّة تاج، أشهرت للحديث ظُبى، وفرعت لمعرفته رُبَى، وهبّت لتفهمّه
شمالاً وصبا، وكان ثقة، وكانت الأنفس على تفضيله متّفقه، وأما أدبه فلا تُعبَر لُجَّتُه، ولا تُدحَض حُجَّته، وله شعر لم أجد منه إلاّ ما نفث به أنفة، وأوصى فيه من تخلّفه، فمن ذلك قوله، وقد دخل إشبيلية فلم يلق فيها مبرّة، ولم ير من أهلها تَهلُّل أسرّة، فأقام بها حتى أخلقه مقامه، وأطبَقه اغتِمَامه، فارتجل وقال:
تنكّر من كُنّا نُسَرُّ بِقُربِهِ ... وصار زُعَاقاً بعدما كان سَلْسَلا
وَحُقَّ لِجَارٍ لم يوافقه جارُهُ ... ولا لاَءمَتْه الدّار أنْ يتحوّلا