للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استطال به عليه لفضل بيانه وطلاقة لسانه، ففارق عادة المجلس في رفض الأنفة، وخفض الحجّة المؤتنفة، وهزّ عِطفَه، وحسر عن ساعده، وأشار بيده مادّاً بها لوجه خَصمه، خارجاً عن حدّ المجلس ورسمه، فهمّ الأعوان بتقويمه

وتثقيفه ووَزعهم رهبة منه وخشية، حتى تناوله القاضي بنفسه، وقال له: مهلاً عافاك الله، اخفض صوتك، واقبض يدك، ولا تفارق مركزك، ولا تَعدُ حقَّك، وأقصر من أسبابك، وإدلالك بآدابك، فقال له: مهلاً يا قاضي، أمن المُخدَّرات أنا فاخفض صوتي واستُر يدي، وأغطّي معاصمي لديك؟ أم من الأنبياء أنت فلا يُجهرُ بالقول عندك؟ وذلك لم يجعله الله إلاّ لرسوله (صلى الله عليه وسلم) لقوله تعالى: (يَا أيُّهَا الذِينَ آمنوا لا تَرْفَعوا أصْوَاتكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ، وتَجْهَرُوا له بالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أنْ تَحْبَطَ أعمالُكًمْ وأنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ) ولست به ولا كرامة، وقد ذكر الله أن النفوس تُجادِل في القيامة في موقِف الهول الذي لا يَعدِ له مقام، ولا يشبه انتقامه انتقام،

<<  <   >  >>