للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يرجى لبثّه راق، إلى أن أُخرِجَ منه إلى ثَرَاه واستراح مِمّا عَرَاه، فمن بديع ما قاله، قوله يصف المعقل، الذي فيه اعتُقِل:

يأوي إليهِ كُلُّ أعورَ ناعقٍ ... وتَهُبُّ فيه كُلُّ ريحٍ صَرصَرِ

ويكاد من يرقى إليه مرّة ... من عُمْره يشكو انقطاع الأبْهَرِ

ودخل ليلةً على المنصور، والمنصور قد اتّكأ وارتفق، وحكى بمَجلسه ذلك الأفق، والدُّنيا بمَجلسه ذلك مَسُوقه، وأحاديث الأماني به منسوقة، فأمره بالنزول في جملة الأصحاب، والقمر يظهر ويَحتجِبُ في السَّحاب، والأفق يبدو به أغرَّ ثمَّ يعود مُبهَماً، والليل يتراءى منه أشقر ثم يعود أدْهما، وأبو مروان قد انتشى، وجال في ميدان الأنسِ ومشى، وبُردُ خَاطرِه قد دّبجَه السرور ووَشَى، فأقلقه ذلك المغيبُ والالتياح، وأنطقه ذلك السرور والارتياح فقال:

أرى بَدرَ السَّماءِ يلوح حينَاً ... فيبدو ثُمَّ يلتحف السحابا

وذلك أنه لما تبدّى ... وأبصر وجهَك اسَتحيَا فَغَابا

<<  <   >  >>