والحِجَابة وتوجّهوا مع ذلك الإمام، وألموا بقرطبة أحسنَ إلمام، فدخلوها بعد فتن كثرة، واضطرابات مستثيرة، والبلد مُقفِر، والجلد مُسفِر، فلم يبقَ غيرُ يسيرٍ حتى جبذ واضطرب أمره فخُلِع، واخُتطِفَ من المُلك وانُتزِع، وانقضت الدولة الأمويّة، وارتفعت الدولة العَلويّة، واستولى على قُرطُبَة عند ذلك أبو الحزم، ودبّرها بالجِدِّ والعزم، وضبطها ضبطاً أمَّنَ خائفها، ورفع طارق تلك الفتنة
وطائفها، وخلا له الجزّ فطار، واقتضى اللُّبَانَات والأوطار، فعادت له قرطبة إلى أكمل حالاتها، وانجَلى به نوء استجلالاتها، ولم تزل به مشرقة وغصون الأمل فيها مورقة، إلى أن توفي سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، فانتقل الأمر إلى ابنه أبي الوليد، واشتمل منه على