شاكل المعنى من التّخويف بالموت والتحذير منه، والدّعاء إلى الله عزّ وجلّ في الزّهد في هذه الدُّنيا الفانية والحضّ على اعتزالها والتبيين لظاهر معانيها، والترغيب في الآخرة ومغانيها والتقصير عن طلب اللّذات، ونهي النفس عن اتّباع الشّهوات، وتلا من القرآن العظيم ما يوافقه، وجّلب من الحديث والأثر ما يشاكله ويطابقه، حتى بكى الناس وخشعوا وضجوا وتضرَّعوا وأعلنوا الدّعاء إلى الله تعالى (في التوبة والابتهال في المغفرة)، فعلم الخليفة أنه هو المقصود به، والمُعتَد بسببِه، فاستجدى وبكى، وندم على ما سلف منه من فرطه، واستعان بالله من سَخطهِ، واستعصمه برحمته، إلاّ أنه وجد على منذر بن سعيد لِغِلَظ ما قرّعه به، فشكا ذلك إلى ولده الحكم بعد انصرافه، وقال: والله لقد تعمَّدني منذر بخطبته،