للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتعجب من عبادتها على حداثتها، فبينما الحسن ذات يوم جالس إذ أتاه آت فقال: أما علمت أن الجارية قد نزل بها الموت فوثب الحسن فدخل عليها فلما نظرت الجارية إليه بكت فقال لها: يا حبيبتي ما يبكيك؟ قالت له: يا أبا سعيد التراب يحثى على شبابي ولم أشبع من طاعة ربي، يا أبا سعيد انظر إلى والدتي وهي تقول لوالدي: احفر لابنتي قبرًا واسعًا وكفنها بكفن حسن، والله لو كنت أجهز إلى مكة لطال بكائي كيف وأنا أجهز إلى ظلمة القبور ووحشتها وبيت الظلمة والدود (١).

قالت عائشة بنت سعيد بن إسماعيل لابنتها: لا تفرحي بفانٍ، ولا تزعجي من ذاهب وافرحي بالله عز وجل، واجزعي من سقوطك من عين الله عز وجل (٢).

وهذه قصة تروي النهاية السيئة لطريق الفساد والضياع، بل ربما يكون آخر كلامه من الدنيا الهذيان بمحبوبه نظرها وتعلق قلبه بها، وهي قصة معروفة مشهورة يردد صاحبها، كيف الطريق إلى حمام منجاب؟ !

وهذا الكلام له قصة، وذلك أن رجلا كان واقفا بإزاء داره، وكان بابها يشبه باب هذا الحمام فمرت به جارية لها منظر، فقالت: أين الطريق إلى حمام منجاب؟ فقال: هذا حمام منجاب، فدخلت


(١) صفة الصفوة (٤/ ٢٩).
(٢) صفة الصفوة (٢/ ١٢٥).

<<  <   >  >>