للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعرض، حسب حاجة المخاطب (١) .

وبهذا يتبين أن ابن تيمية رحمه الله لم يحرم زيارة القبور مطلقاً، بل فرق بين الزيارة المحرمة، والزيارة المباحة، والزيارة المستحبة.

وأما زيارة قبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم الزيارة الشرعية فهي ما يفعله علماء المسلمين (يصلون في مسجده صلّى الله عليه وسلّم، ويسلمون عليه في الدخول للمسجد، وفي الصلاة، وهذا مشروع باتفاق المسلمين) (٢) .

وزيارة قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم ليست واجبة باتفاق المسلمين، ولم يرد في الكتاب والسنة أمر بزيارة قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم على وجه الخصوص، وإنما الأمر الموجود في الكتاب والسنة: الصلاة والتسليم عليه، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً (٣) ، فزيارة قبره مستحبة كزيارة قبور غيره.

وقد اتفق العلماء على أن أهل المدينة لا يزورون القبر النبوي كلما دخلوا المسجد أو خرجوا منه، لا للدعاء ولا لغيره، بل كانوا يأتون المسجد، وهم في كل صلاة في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أو في مسجد غيره يقولون: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ويصلون عليه ويسألون الله له الوسيلة إذا سمعوا الأذان.

وأما حكم إتيان أهل المدينة قبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم إذا قدموا من سفر، أو غير أهل المدينة إذا قدموا من سفر، فهذا فيه قولان:

القول الأول: الجواز لفعل ابن عمر (ت - ٧٢هـ) رضي الله عنهما فتابعه جماعة، وإن لم يكن هذا من السنن المشهورة، إذ لم يأمرهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم بذلك، كما أمرهم أن يسلموا عليه في الصلاة.


(١) انظر: قاعدة جليلة ص٣٢، الجواب الباهر ٤٧، مجموع فتاوى ابن تيمية ٢٤/٣٢٦، ٣٣٤، ٣٤٣، ٢٦/١٤٨، ٢٧/٧٠، ١١٩، وغيرها.
(٢) الجواب الباهر ص٢٢.
(٣) انظر: الفتاوى الكبرى ٢/٥، مجموع فتاوى ابن تيمية ٢٧/٢٦.

<<  <   >  >>