للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإعراب: بين: ظرف مكان مفعول فيه، وهي لا تدخل إلاّ على مثنى أو مجموع؛ لاقتضائها الاشتراك، والقول مخصوص بالإضافة إلى الظرف المكاني، والعمل: معطوف عليه.

المعنى: إنّ الوفاء نقص، أو غاب، أو ذهب من بين الناس، والغدر اشتهر وشاع وذاع، واتّسعت مسافته بين القول والفعل في الوعود، أخذ يوضح الدلالة على عدم حسن الظن بالأيام، ويحقق ما ادَّعاه من الحزم في ذلك، وأنّ الإنسان لا يعول على أحد؛ لأن الوفاء / ذهب، والغدر ظهر، والخلف في الوعد زاد / وهذه موجبات تقتضي التأدّب [٦٧ ب] ... بما وعظ، والأخذ بما أمر، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لكل غادر لواء يوم القيامة، وفي رواية لواء عند رأسه يوم القيامة، يقال: هذه غدرة فلان، قال النووي رحمه الله: في هذا تغليظ الغدر، لا سيما من صاحب الولاية العامة؛ لأن غدره يتعدى ضرره إلى خلق، كذا بخط المصنف، ولعله خلق الله (١).

يقال: إنّ أعرق الناس بالغدر عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس، غدرَ عبد الرحمن بالحجاج بن يوسف الثقفي، وغدر محمد بن الأشعث بأهل طبرستان، وغدر الأشعث ببني الحارث، وخلائق كثير، وأخذ ابن قلاقس قول الطغرائي، فقال (٢): (من مجزوء الكامل)

غاضَ الوفاءُ وفاضَ ما ... ءُ الغَدْرِِ أنهاراً وغُدرا

وتطابقَ الأقوامُ في ... أقوالهم سرّاً وجَهْرا

فانظر بعينكَ هل ترى ... عُرْفاً وليس تراهُ نُكْرا

وقال أيضا (٣): (من الكامل)

وبنو الزمان وإن صَفوا لكَ ظاهراً ... يوماً طووا لكَ باطناً ممذُوقا

دوحٌ تمرُّ لك الجنى أثمارَهُ ... ولقد تمرُّ به الرياحُ وريقا

وقال آخر (٤): (من الوافر)

ومنْ يكُ أصلهُ ماء وطيناً ... بعيدٌ من جِبلَّتهِ الصفاءُ

وقال السراج الوراق (٥): (من الوافر)

وكانَ الناسُ إنْ مُدِحوا أَثابوا ... ولِلكرماءِ بالمدحِ افتخارُ

وكانَ العُذْرُ في وقتٍ ووقتٍ ... فصرنا لا عطاَْ ولا اعتذارُ


(١) في الغيث المسجم ٢/ ٣٤٥: خلق كثير.
(٢) ديوانه (م)
(٣) ديوانه (م)
(٤) البيت في الغيث المسجم ٢/ [٣٥٠ ب] لا عزو.
(٥) ديوانه (م)

<<  <   >  >>