للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللغة: اقتحم الشيء: رمى بنفسه فيه من غير رؤية، اللج: معظم الماء، تركبه: تعلوه، والمصّ: معروف، والوشل: الماء القليل.

الإعراب: اقتحامك: مبتدأ، والخبر تقدّم في الجار والمجرور؛ لأنه تضمن الاستفهام، ولج: مفعول به، والهاء في تركبه في موضع نصب لتركب، والفاعل ضمير يرجع إلى المخاطب، وأنت: مبتدأ، وجملة يكفيك الخبر، منه هنا للتبعيض، وهي متعلقة بيكفي، ومصّة: فاعل يكفي، والوشل: مضاف، وقوله: وأنت يكفيك إلى آخر البيت جملة حالية.

المعنى: لآي شيء تقتحم البحر، وتركب لجته، وتصبر على الأهوال، والغرض يحصل في الشاطئ، لأن المقصود شربة تمصها من أي بحر كان، يعني بذلك أنه ليس المراد من الدنيا إلاّ قيام الصورة، لا غير، وهو ما يقوم بهذا الجسد من المأكل والمشرب والملبس، وهو يحصل بأدنى تحيّل، ولا يضطر مع هذا إلى ركوب الأخطار، ومكابدة الأهوال، ومقاساة المشاق، ومعاناة المتاعب: (من الخفيف)

ومراد النفوس أحقر من أنْ ... يتعادى له وأن يتعانى (١)

وقد أخذ الطغرائي يريّض نفسه ـ ويسكّن سورة غضبها بعد أن كان قد ثار واحتدم، وهذا صحيح، لأن الأمر أقل من هذا العناء كله، وهذا حقيق أن ينشد فيه: (من الكامل)

ما الجِزْعُ /أهْلٌ أنْ تُرَدّدَ نَظْرَةٌ ... فيه وتُعْطَفَ نحوَهُ الأعْناق (٢) ... [٦٩ ب]

وقال الشريف أبو الحسن العقيلي (٣): (من السريع)

وَقائِلٍ ما المُلكُ قُلتُ الغِنى ... فَقالَ لا بَل راحَةُ القَلبِ

وَصَونِ ماءِ الوَجهِ عَن ذِلَّةٍ ... في نَيلِ ما يَنفَدُ عَن قُربِ

قلت: وكان الشارح يستغني عن مثل هذا الشعر في الاستشهاد به بقول الصادق المصدوق: مَنْ أصبح آمنا في سربه معافىً في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما ملك الدنيا بحذافيرها، أو فكأنما حيزت له الدنيا، والناظم قد أشار في هذا البيت الآتي وهو:

مُلْكُ القناعةِ لا يُخْشَى عليه ولا ... يُحتاجُ فيه إِلى الأنصار والخَوَلِ

اللغة: القناعة: الرضا بالمقسوم، يُخشى: يُخاف، يُحتاج: يضطر، الأنصار: الذين ينصرون ويساعدون، الخول: خول الرجل حشمه، والواحد خائل، وهم اسم يقع على الأَمَة والعبد.

الإعراب: ملك: مبتدأ، ولا يُخشى عليه الخبر، وبقية البيت ظاهر.


(١) البيت في الغيث المسجم ٢/ [٣٩١ ب] لا عزو.
(٢) لآبي العلاء المعري، ديوانه، ص ٢١١.
(٣) ديوانه (م).

<<  <   >  >>