للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإعراب: إنْ: حرف شرط، وجنحت: فعل ماضٍ، ومعناه الاستقبال، وهو في موضع جزم بالشرط، والتاء: ضمير الفاعل، وهو المخاطب، إلى: جار ومجرور، فاتّخذ: الفاء جواب الشرط، اتّخذ فعل أمر، والفاعل مستتر وجوبا، نفقا: مفعوا به، أو حرف عطف، وسلما: منصوب على أنه مفعول / اتخذ، في الجو: في هنا للظرف، [٥٣ أ] فاعتزل: الفاء: للعطف، واعتزل: فعل أمر، والأمر مبني على السكون، وإنما حرّكه للضرورة في القافية.

المعنى: فإن ملت إلى حب السلامة فادخل في نفق الأرض، أو اصعد في سلم في الجو ... [لأن السلامة] (١) متعذرة عليك ما دمت بين الناس، ولا سبيل إلى النزول في النفق، ولا إلى الصعود في سلم [في] (٢) الجو، إذ لا بد لك من الناس، والسلامة بينهم عزيزة، وفي هذا تحريض على الحركة، والسعي والاجتهاد في إحراز المعالي؛ لأن السلامة ممتنعة، فالأولى بالإنسان الحركة، والطلب، وقد قال أبو العلاء المعري في وصف النوع الإنساني بالأذى، وأنه لا يسلم من أذاه حيوان: (السريع)

أتعبتم السابح في لجةٍ ... ورعتم في الجو ذات الجناح (٣)

هذا وأنتم غرضٌ للردى ... فكيف لو خلِّدتم يا قباحِ؟

وبيت الطغرائي يسميه أرباب البديع التلميح، وبعضهم يسميه الاقتباس، وهو نوع من التضمين، ولكن التضمين هو أن يأتي [لفظ] الآية أو الحديث، أو البيت كاملا، وإن لم يأت كاملا فهو اقتباس، والطغرائي اقتبس كلامه هنا من قوله تعالى: [وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ] (٤) الآية، قال ابن سناء الملك (٥): (من الطويل)

وكَمْ قلعةٍ فوقَ السماءِ أَساسُها ... وعامِرُها من أَسلافِ عاد وجُرْهُم

رقى سلَّماً للعِزِّ أَوصَلهُ لها ... فقد نالَ أَسبابَ السماءِ بِسُلَّمِ

ودَعْ غمارَ العُلى للمقديمن على ... ركوبِها واقتنِعْ منهن بالبَلَلِ

اللغة: دع: معناه اترك، والغمرة: الشدة، والزحمة في الماء والناس، والجمع غمار، ودخلت في غمار الناس، المقدمين: اسم فاعل من أقدم يقدم فهو / مقدم، اقتنع: [٥٣ ب] افتعل من الأمر بالقناعة، البلل: النداوة، وما أحسن قول أبي الطيب (٦): (من البسيط)


(١) زيادة من الغيث المسجم ٢/ ٥٩
(٢) زيادة من الغيث المسجم ٢/ ٥٩
(٣) البيتان في الغيث المسجم ٢/ ٦٠
(٤) الأنعام ٣٥
(٥) ديوانه (م)
(٦) ديوانه ٢/ ٨٧

<<  <   >  >>