للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى: [قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ] (١) وإنما خصت مِن بذلك لأنها أم الباب، ولكل أمّ باب اختصاص تمتاز به (٢).

ورسيم والأينق: كل منهما مجرور بالإضافة، والذلل: مجرور على أنه صفة للأينق، وأمَّا الخبر الذي يطلبه المبتدأ وهو العز فإنه محذوف، وهو ما تعلق به الظرف الذي سدّ مسدّه، وتقديره والعز مستقر، أو مطلوب، أو كائن عند رسيم الأينق.

المعنى: يقول: رضا الذليل بلين العيش ودعته مع وجود الذل مسطكنة عند النفس الأبية، وإنما العز موجود عند سير النوق المذللة في الأسفار، وهذا حثّ على الحركة، والتنقل من مواطن الذل، قال عليه السلام: لا يحلّ لمؤمن أن يذلّ نفسه، قالوا: يا رسول الله، وكيف يذل نفسه، قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق.

فادرأْ بها في نحورِ البِيد جافلةً ... معارضاتٍ مثانى اللُّجمِ بالجُدَلِ

/ اللغة: فادرأ: فعل أمر من الدرء، وهو الدفع، نحور: جمع نحر، وهو موضع [٥٤ ب] القلادة في الحلق، وهو هنا مجاز، استعار النحور للبيد، والبيد: جمع بيداء وهي المفازة، وأبادهم الله أي أهلكهم، وجفل: إذا أسرع، معارضات: تقول عارضته في السير إذا سرت حياله، وعارضته بمثل ما صنع، مثاني: جمع مثنى من قولك جاء القوم مثنى مثنى، أي اثنين، واللجم: جمع لجام، وهو فارسي معرّب، الجدل: زمام الناقة.

الإعراب: ادرأ: فعل أمرٍ من درأت، والضمير في بها يرجع إلى الأينق في البيت الذي قبله، في نحور: جار ومجرور، وفي ظرفية، والبيداء: مجرور، جافلة: منصوب على الحال، مُعارضات: [منصوب على أنه حال ثانية، مثاني منصوب بمعارضات] (٣) لأنه اسم فاعل، واسم الفاعل [يعمل عمل الفعل] (٤) إذا كان غير مضاف، بالجدل: الجار والمجرور في موضع النصب على أنه مفعول ثان لمعارضات.

المعنى: فادفع بالأينق الذلل في نحور المفاوز والقفار مسرعة غير ملتفتة وبجياد الخيل فعارض لجم تلك بأزمّة هذه، وهذا حثّ منه على أعمال الركاب، وأنْ يرمى بها في نحور البيد مسرعة، تباري بأزمّتها لجم الخيل في سيرها، وهذا البيت مأخوذ من قول أبي الطيب (٥): (من البسيط)

لا أُبغِضُ العيسَ لَكِنّي وَقَيتُ بِها ... قَلبي مِنَ الحُزنِ أَو جِسمي مِنَ السَقَمِ


(١) النساء ٧٨
(٢) درة الغواص في أوهام الخواص، ص ٣٢
(٣) زيادة من الغيث المسجم ٢/ ٨٣
(٤) زيادة من الغيث المسجم ٢/ ٨٣
(٥) ديوانه ٢/ ٢٥٩

<<  <   >  >>