للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإعراب: فيم: أصله فيما، فحذفوا الألف منها تخفيفا، أو لاتصالها بحرف الجر، أو تفرقة بينها وبين أن تكون اسما، فالأصل في ما، في: حرف جر، وما: استفهامية، وما وموضعه رفع على أنه خبر مقدم، والمبتدأ الإقامة، ويقدم الخبر لأن الاستفهام له صدر الكلام، بالزوراء: الباء للظرفية المكانية، وتكون أيضا للظرفية الزمانية، ومجيئها للمكان أكثر منها للزمان، بالزوراء موضعه النصب على أنه ظرف للإقامة، لا سكني: هذه لا التي لنفي الجنس، وسكن مبني على الفتح؛ لأنه اسم تقديره لا سكن لي، بها: الباء ظرفية، والهاء والألف ضمير يرجع على الزوراء، ولا: الواو عاطفة، ولا: التي لنفي الجنس، ناقتي: اسم لا، وقد أُضيف إلى ياء المتكلم، فالفتحة مقدرة على التاء، فيها: في هنا ظرفية، والضمير للزوراء، ولا جملي: إعرابه كما تقدم.

المعنى: يقول: إقامتي في بغداد لأي شيء، ولا سكن لي بها، ولا علاقة لي فيها، بدليل ما ضربه من المثَل، فإذا كان كذلك، فرحيله منها مُتعيِّن (١). ... (الطويل)

وَإِنَّ صَريحَ الحَزمِ وَالرَأيِ لَاِمرُىٍ ... إِذا بَلَغَتهُ الشَمسُ أَن يَتَحَوَّلا

وقد خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مكة، وكان ما كان، ثم رجع إليها، وقال عليه السلام: العباد عباد الله، والبلاد بلاد الله، فأين ما وجدت الخير فأقم، واتق الله.

قال المتنبي (٢): (من الطويل)

وَكُلُّ اِمرِئٍ يولي الجَميلَ مُحَبَّبٌ ... وَكُلُّ مَكانٍ يُنبِتُ العِزَّ طَيِّبُ

/ والمقادير عجائب، وفوائد قوم عند قوم مصائب، هذا يقول في بغداد هذه المقالة [١٠ ب] والعِكَوَّك يقول لمَّا كره عنها ارتحاله (٣): (من السريع)

لَهَفِي على بغدادَ مِنْ بَلْدَةٍ ... كانتْ مِنَ الأَسْقامِ لِي جُنّه

كأنّنِي عِنْدّ فِراقِي لَها ... آدمُ لَمَّا فَارَقَ الجَنَّه

وقال البحتري (٤): (من الكامل)

ما أَنصَفَتْ بَغدادُ حينَ تَوَحَّشَتْ ... لِنَزيلِها وَهيَ المَحَلُّ الآنِسُ

لمَّا نبت بغداد بالقاضي عبد الوهاب المالكي خرج منها طالبا مصر، فشيعه من أكابرها وفضلائها، فقال لهم لمَّا ودّعهم: لو وجدت بين ظهرانيكم كل بكرة وعشية رغيفين ما فارقت بغداد، ومن شعره فيها (٥): (من البسيط)

بغداد دارٌ لأهل المال طيبة ... وللمقلين دار الضنك والضيق


(١) لأبي تمام، ديوانه، ص ٢٣٩.
(٢) ديوانه ٢/ ٢٣٢
(٣) لم أجدها في المطبوع من ديوانه.
(٤) ديوانه ١/ ٣٦٠
(٥) البيتان في وفيات الأعيان ٣/ ٢٢١، وفوات الوفيات ٢/ ٤٢٠

<<  <   >  >>