للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَمُحْتَجِبٍ بَيْنَ الأَسِنَّةِ مُعْرِضٍ ... وَفِي الْقَلْبِ مِنْ إِعْراضِهِ مِثْلُ حُجْبِهِ

وقال ابن القيسرلني (١): (من الطويل)

وفوق مُرادي من مراد عقائلٍ ... تبيت المذاكي القب سجف قبابها

وما أحسن قول ابن خفاجة: (من الطويل)

لَقَد جُبتُ دونَ الحَيِّ كُلَّ تَنوفَةٍ ... يَحومُ بِها نَسرُ السَماءِ عَلى (٢) وَكرِ

وَخُضتُ ظَلامَ اللَيلِ يَسوَدُّ فَحمُهُ ... وَدُستُ عَرينَ اللَيثِ يَنظُرُ عَن جَمرِ

وَجِئتُ دِيارَ الحَيِّ وَاللَيلُ مُطرَفٌ ... مُنَمنَمُ ثَوبِ الأُفقِ بِالأَنجُمِ الزُهرِ

أَشيمُ بِها بَرقَ الحَديدِ وَرُبَّما ... عَثَرتُ بِأَطرافِ الثقَّفَةِ ِ السُمرِ

فَلَم أَلقَ إِلّا صَعدَةً فَوقَ لامَةٍ ... فَقُلتُ قَضيبٌ قَد أَطَلَّ عَلى نَهرِ

وَلا شِمتُ إِلّا غُرَّةً فَوقَ أَشُقر ... فَقُلتُ حَبابٌ يَستَديرُ عَلى خَمرِ

فَسِرتُ وَقَلبُ البَرقِ يَخفُقُ غَيرَةً ... هُناكَ وَعَينُ النَجمِ تَنظُرُ عَن شَزرِ

وقال (٣): (من الطويل)

وَلَيلٍ طَرَقتُ المالِكِيَّةَ تَحتَهُ ... أَجَدَّ عَلى حُكمِ الشَبابِ مَزارا

فَخالَطتُ أَطرافَ الأَسِنَّةِ أَنجُماً ... وَدُستُ لِهالاتِ البُدورِ دِيارا

واعلم أنّ بيت الطغرائي ذكر فيه أنّ الرقيب ملازم لمحبوبه، ولا شك أنّ ملازمته الرقيب أمر يضني، ومرض يفري الحشا ويفني، والمحبون ابتلوا به قديما، ورعوا به روض المحبة هشيما، وأرى أن الرقيب هو المبتلى، وصاحب السهر والتعب، على أنه ما عشق ولا سلا، وذلك لأن العاشق يجد في الغرام لذة عليه عائدة، والرقيب / ضاع زمانه [٤١ ب] وذاب فؤاده بلا فائدة، ولهذا قال ابن رشيق: (من الطويل)

تأَذَّى بِلَحْظي مَنْ أُحِبُّ وَقالَ لي ... أَخافُ منَ الْجُلاَّسِ أَنْ يَفْطِنوا بِنا

وَقالَ إِذا كَرَّرْتَ لَحْظَكَ دُونَهُمْ ... إِليَّ فَما يَخْفى دَليلُ مُريبِنا

فَقُلْتُ بُلِينا بالرَّقيبِ فَقال ما ... بُلِينا وَلكِنَّ الرَّقيبَ بُلي بِنا

وما ألطف قول ابن المعتز (٤): (من الخفيف)

وا بَلائي مِن مَحضَري وَمَغيبي ... من َحَبيبٍ مِنّي بَعيدٌ قَريبُ

لَم تَرِد ماءَ وَجهِهِ العَينُ إِلّا ... شَرِقَت قَبلَ رَيَّها بِرَقيبِ


(١) البيت في الغيث المسجم ١/ ٣٨٥
(٢) ديوانه (م)
(٣) ابن خفاجة أيضا. ديوانه (م)
(٤) ديوانه، ص ٥٢

<<  <   >  >>