للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لابتداء الغاية، وهي في موضع النصب على أنه مفعول لآجله، كما في قوله تعالى: [أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ] (١) نسيم: فاعل يدبّ، والبرء: مضاف إليه، في عللي: جار ومجرور، وفي ظرفية.

المعنى: أترجّى إلمامة مكان الحي من الجزع، يحصل لي بسببها دبيب نسيم البرء في عللي التي أكابدها من الأشواق، وليس الترجي مما يُنجِّي، لكنه من طباع النفوس، ولله در القائل (٢): (من الطويل)

لعلّ وما تُغني لعلّ وإنها ... علالةُ صبٍّ واستراحةُ هائم (٣) ِ

وقال الآخر (٤): (من الخفيف)

أتمنى تلك الليالي المنيرا ... تِ وجهدُ المحبِّ أن يتمنَّى

وقال جمال الدين أبو الدر ياقوت: (السريع)

لله أيام تقضت بكم ... ما كان أحلاها وأهناها (٥)

مرت فلم يبق لنا بعدها ... شيء سوى أن نتمناها

ومثله قول الآخر: (من الطويل)

أحبّتَنا لم يبقَ من طيبِ وصلِكم على البعدِ إلاّ أننا نتمناه (٦)

وقول الطغرائي في غاية الحسن، وهو مأخوذ من قول أبي نواس (٧): (من المديد)

/ فَتَمَشَّت في مَفاصِلِهِم ... كَتَمَشّي البُرءِ في السَقَمِ ... [٤٨ ب]

وأخذه أبو نواس برمته من بعض الهذليين يصف قانصا يختل صيدا بسرعة مشي حيث يقول (٨): (من المديد)

فَتمشّى لاَ يُحسُّ بِه ... كَتمشِّي النّارِ في الفحمِ

فإنّ بعض الروايات عن أبي نواس على هذا النص، وهو أصحّ عنه لأنها آخر ما استقرّ عليه الحال، وقول الطغرائي يشبه قول أبي الطيب (٩): (من الخفيف)

وَرَبيعاً يُضاحِكُ الغَيثُ فيهِ ... زَهَرَ الشُكرِ مِن رِياضِ المَعالي

نَفَحَتنا مِنهُ الصَبا بِنَسيمٍ ... رَدَّ روحاً في مَيِّتِ الآمالِ


(١) قريش: ٤
(٢) لابن سناء الملك، ديوان الصبابة، ص ٤٤١ / (م).
(٣) البيت في الغيث المسجم ٢/ [١١ ب] لا عزو.
(٤) ابن الساعاتي، ديوانه / (م).
(٥) انظر: ديوان الصبابة، ص ٤٣١/ (م).
(٦) البيت في الغيث المسجم ٢/ ١١ دون عزو.
(٧) ديوانه ـ ص ٤٥٧
(٨) البيت في الغيث المسجم ٢/ ١٣
(٩) ديوانه ١/ ١٦٧.

<<  <   >  >>