للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال بعضهم: لا تقبل توبته، وهذا مروي عن أبي الليث والدبوسي من فقهاء الأحناف، قالوا: حيث لا تقبل توبته علم أن سب الشيخين كسب النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يفيد الإنكار مع البينة (١).

وقال الآخرون: تقبل توبته، وهو قول الجماهير، وهو الصواب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الصواب الذي عليه أئمة المسلمين أن كل من تاب، تاب الله عليه .. وليس سب بعض الصحابة بأعظم من سب الأنبياء، أو سب الله تعالى، واليهود والنصارى الذي يسبون نبينا سراً بينهم، إذا تابوا وأسلموا قُبل ذلك منهم، باتفاق المسلمين، والحديث الذي يروى: " سب أصحابي ذنب لا يغفر " كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. والشرك الذي لا يغفره الله، يغفره لمن تاب باتفاق المسلمين، وما يقال إن في ذلك حق لآدمي، يجاب عنه من وجهين:

١ - أن الله تعالى قد أمر بتوبة السارق والملقب ونحوهما من الذنوب التي تعلق بِها حقوق العباد .. ومن توبة مثل هذا: أن يعوض المظلوم من الإحسان إليه بقدر إساءته إليه.

٢ - أن هؤلاء متأولون، فإذا تاب الرافضي من ذلك، واعتقد فضل الصحابة، وأحبهم ودعا لهم، فقد بدل الله السيئة بالحسنة كغيره من المذنبين (٢).


(١) ابن نجيم: البحر الرائق: ٥/ ١٩٦، ابن عابدين: حاشية ابن عابدين: ٦/ ٣٧٦
(٢) ابن تيمية: مجموع الفتاوى: ٤/ ٢٥٨ - ٥٤١

<<  <   >  >>